التخطي إلى المحتوى

نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن ضعف اليورو والمخاوف المتعلقة بالاقتصاد في منطقة اليورو، حيث تواجه العملة ضغوطًا نتيجة التحديات الاقتصادية في المنطقة، على غرار انخفاض النمو الاقتصادي وتراكم الديون العامة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن استجابة اليورو للارتفاع الأخير في أسعار الفائدة هذا الأسبوع تكشف الكثير عن منظور المستثمرين إلى العالم.

يوم الخميس، رفّع البنك المركزي الأوروبي، الذي يركز على التضخم، في أسعار الفائدة على الودائع بمقدار ربع نقطة مئوية إلى أربعة بالمئة، وهي أعلى نقطة مسجلة في تاريخ العملة الموحدة. ووفقا لحسابات البنك الألماني، فإن هذه الدورة من ارتفاع أسعار الفائدة تبرز بمعايير تاريخية أطول.

من الناحية النظرية، كان من المفترض لهذه الخطوة أن تعزز قيمة اليورو لكن ذلك لم يحدث، إذ انخفضت قيمة العملة بنسبة 0.8 بالمئة مقابل الدولار في ذلك اليوم، مما جعلها تقترب من مستوى 1.06 دولار – وهو أدنى مستوى لها منذ ثلاثة أشهر. كان الخميس أحد أسوأ الأيام بالنسبة للعملة المشتركة طوال السنة، حيث انخفضت قيمتها أكثر لتمتد سلسلة خسائر اليورو حاليا إلى تسعة أسابيع متتالية.

وأوردت الصحيفة أن تذكيرات رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، في المؤتمر الصحفي الذي أعقب الاجتماع بأنها لا تزال على استعداد لرفع أسعار الفائدة بشكل أكبر لم تكن كافية لتغيير المسار. وقال باس فان جيفن، كبير الخبراء الاستراتيجيين في بنك “رابو بنك”، في مذكرة للعملاء إن “الأمر لا يكون رائعًا عندما يقوم البنك المركزي بتشديد السياسة فقط ليرى قيمة عملته تنخفض مباشرة بعد القرار”.

ووصف بول دونوفان، كبير الاقتصاديين في بنك “يو بي إس” لإدارة الثروات، ارتفاع أسعار الفائدة بأنه “عبء”، موضحًا: “بما أن معظم محركات التضخم الحالية في منطقة اليورو ليست حساسة لأسعار الفائدة، فإن تأثير التضخم لهذا الارتفاع في أسعار الفائدة أمر مشكوك فيه. لقد حاولت رئيسة البنك المركزي الأوروبي اتخاذ موقف متشدد في المؤتمر الصحفي، لكن الأسواق تجاهلت لهجتها”.

يرى البعض أن رفع أسعار الفائدة مرة أخرى قبل نهاية السنة لا يزال احتمالا واردا – وهو احتمال يأخذه بعض مراقبي السوق على محمل الجد، بما في ذلك فان جيفن من “رابو بنك”. ولكن على نطاق واسع، يعتقد البعض حقا أن البنك المركزي سوف يرفّع في أسعار الفائدة بشكل أكبر، في حين يشعر اقتصاد المنطقة بالضغوط الناجمة عن السياسة الأكثر صرامة التي تم إقرارها حتى الآن ومن تأثير ضعف الطلب الصيني على التصنيع الألماني. ومن الواضح أن موظفي البنك المركزي خفّضوا توقّعاتهم للنمو في منطقة اليورو بشكل كبير، وتوقعوا نموا بنسبة 0.7 بالمئة لهذا العام، مقارنة بنسبة 0.9 بالمئة سابقًا، وخفضوا نصف نقطة مئوية عن توقعات السنة المقبلة، إلى واحد بالمئة.

ومن جانبها، حذّرت كاثرين نيس، كبيرة الاقتصاديين الأوروبيين في شركة “بي جي آي إم فيكسد إنكم”، من أن “الارتفاع قد يقلب الميزان ويخاطر بالتسبب في تباطؤ اقتصادي سريع وتضخم أقل من الهدف على المدى المتوسط”.

هذه ليست خطة عظيمة للمراهنين على ارتفاع اليورو، هذا إن كان هناك بالفعل أي خطة. وقال البنك الفرنسي “بي إن بي باريبا” إنه لا يزال يحب استخدام اليورو باعتباره ما يسمى بالممول – وهو شيء تبيعه لتمويل رهانات أكثر فائدة وذات عائد أعلى في أماكن أخرى.

يتم فرض هذا التصنيف بشكل عام على العملة فقط إذا كانت أسعار الفائدة الخاصة بها عالقة عند الصفر أو بالقرب منه، أو حتى أقل. وتطبيق هذا المصطلح على عملة مدعومة بأعلى أسعار الفائدة في التاريخ يؤكد حقاً كيف أدت نهاية عصر التضخم المنخفض إلى قلب آليات السوق رأسًا على عقب.

فجوة متسعة
وذكرت الصحيفة أن تعثر اليورو الأخير يسلط الضوء أيضا على نقطة أخرى وهي الفجوة المتسعة بين تصورات المستثمرين للولايات المتحدة وتصورات المستثمرين في كل مكان آخر تقريبًا. لكن ضعف اليورو ليس واضحًا أمام العملات الأخرى ولم يحقّق أي تقدّم مقابل الجنيه الاسترليني أو الين منذ شهر أيار/ مايو. وبدلاً من ذلك، فهو يعاني بشكل خاص مقابل الدولار، الذي يستمر في الارتفاع.

ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي الذي يتتبع قيمته مقابل العملات الأخرى أكثر من خمسة بالمئة منذ تموز/ يوليو، في حين أن البيانات الاقتصادية الأمريكية تزيد مخاطر الركود مستقبلا أكثر من أي وقت مضى.

وأوضحت الصحيفة أن التذبذب الأخير لليورو يمثّل إشارة كبيرة أخرى إلى أن المستثمرين يعتقدون أن حظ أوروبا قد نفد. ومن الواضح أن المرونة المذهلة التي يتمتع بها اقتصاد منطقة اليورو التي دعمت العملة وجعلت أسهم المنطقة اختيارًا مثيرا غير عادي في مطلع هذه السنة تتلاشى بشكل واضح.

وحسب كيت جوكس، الخبير الاستراتيجي الكلي في بنك “سوسيتيه جنرال” في لندن، فإن “أسواق العملة لا تتعلق أبدا بالسياسة النقدية فحسب، حتى لو كانت أسعار الفائدة عادة ما تكون المحرك الأكبر لأسعار الصرف على المدى القصير إلى المتوسط. ولكن انخفاض قيمة اليورو بسبب توقعات النمو المنخفضة للبنك المركزي الأوروبي أمر يستحق المتابعة”. وأضاف جوكس أنه “يمكن تداول اليورو بسهولة تحت 1.05 دولار إذا لم نحصل على أي مفاجآت إيجابية من بيانات الاقتصاد الحقيقي في أوروبا قريبا”.

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)

Scan the code