التخطي إلى المحتوى

تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، في تغييرات عدة بالسياسة الخارجية الصينية التي تسعى إلى “إعادة تشكيل النظام العالمي وفقا لرؤية الصين”، لكن ذلك ينذر بتداعيات سلبية على بيكين بالمدى البعيد.

وتحولت مواقف بكين من “ضعيفة ومرتبكة” في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا إلى “هجومية وخطرة” مع دخول الحرب شهرها السادس، وفقا لتقرير مجلة “فورين أفيرز”.

وفي أبريل، أكد خطاب الرئيس الصيني، شي جين بينغ، أن التوافق الاستراتيجي بين الصين وروسيا مستمر، رغم الإدانات الدولية للغزو الروسي لأوكرانيا.

وحسب المجلة فإن الصين تتبع سياسة خارجية “أكثر عدوانية” في عدة مجالات، باحثة عن “إعادة تشكيل للنظام العالمي” وفقا لتصورih.

وتستشهد المجلة بإعلان الصين في وقت سابق من هذا العام، إطلاق إطار عمل استراتيجي جديد تحت اسم “مبادرة الأمن العالمي”، والتي تعزز من تصور بكين حول النظام العالمي.

وتشير تلك الاستراتيجية الصينية إلى “محاولة بكين تقويض الثقة الدولية في الولايات المتحدة كمزود للاستقرار الإقليمي والعالمي وإنشاء منصة تمكن الصين من زيادة شراكاتها الخاصة”، وفقا لـ”فورين أفيرز”.

توسيع إطار الشراكات الخارجية

تعمل الصين على تعزيز الشراكات مع البلدان التي تقع خارج المعسكر الغربي، بهدف “توسيع وتعميق العلاقات الخارجية الصينية”، لمواجهة أي عقوبات غربية محتملة ولضمان “أنها ليست وحدها في الأوقات الصعبة”، حسب فورين أفيرز.

وتشير المجلة إلى الجهود الصينية لمحاولة “تعزيز وتوسيع إطار دول البريكس”، ككتلة بديلة تنافس مجموعة السبع ومجموعة العشرين. 

وتضم دول مجموعة بريكس كلا من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، وفقا لـ”فرانس برس”.

في مايو، عقد وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، اجتماعا لوزراء خارجية دول البريكس ضم تسعة ضيوف إضافيين، بما في ذلك السعودية والإمارات.

ودعا الرئيس الصيني إلى “توسيع المجموعة واقترح جهود تعاونية جديدة بشأن الاقتصاد الرقمي والتجارة والاستثمار وسلسلة التوريد”.

كما دعا 13 من قادة العالم للمشاركة في حوار رفيع المستوى حول التنمية العالمية مع دول البريكس، بما في ذلك الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، ورئيس الوزراء الكمبودي، هون سن. 

وبعد فترة وجيزة تقدمت الأرجنتين وإيران رسميا للانضمام إلى مجموعة بريكس، وأبدت مصر والسعودية وتركيا اهتماما بالانضمام للمجموعة.

ولمح الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، الأحد، إلى إمكان انضمام الجزائر إلى دول المجموعة، وفقا لـ”فرانس برس”.

وبالإضافة إلى توسع بريكس، تسعى بكين إلى تحويل منظمة شنغهاي للتعاون (SCO)، التي تضم روسيا، إلى كتلة قوية يمكنها الاستفادة من العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية العميقة، وفقا لـ”فورين أفيرز”.

ولطالما سعت الصين لـ”توسيع دائرة عضوية المنظمة واقترحت إنشاء اتفاقية تجارة حرة وإنشاء بنك خاص بها”، لكن تلك الأفكار فشلت العام الماضي.

وفي مايو، ناقشت منظمة شنغهاي للتعاون الحاجة إلى زيادة التفاعلات بين الدول الأعضاء، لا سيما بشأن الأمن الدولي والتعاون الاقتصادي. 

مع توسع العضوية الرسمية في منظمة شنغهاي للتعاون لتشمل إيران في وقت لاحق من هذا العام، وربما بيلاروسيا في المستقبل، فإن المنظمة مستعدة لأن تصبح “أكثر حزماً على المسرح العالمي”، وفقا لوصف “فورين أفيرز”.

وفي يونيو، اقترحت طهران أن تتبنى منظمة شنغهاي للتعاون عملة موحدة، وأعربت عن أملها في أن تصبح المجموعة “تحالفا للقوى العظمى غير الغربية”.

وتشير “فورين أفيرز” إلى إمكانية استفادة الصين من علاقتها الوثيقة مع باكستان والسعودية لبناء “قاعدة تحالفات بين دول العالم الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي”.

القوة العسكرية

تشير “فورين أفيرز” إلى مخاوف صينية بشأن نوايا الولايات المتحدة تجاه تايوان، حيث تسعي بكين “لإظهار قوتها العسكرية” في مواجهة أي أزمات مرتقبة حول الجزيرة.

وصعدت الصين تحذيراتها بشأن زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي المحتملة إلى تايوان، قائلة إن جيشها “لن يقف مكتوف الأيدي” إذا مضت قدما بالزيارة هذا الأسبوع.

وجاءت الرسالة الصريحة وسط تقارير تفيد بأن بيلوسي، ربما تصل إلى تايبيه، الثلاثاء، بالتزامن مع احتفال جيش التحرير الشعبي الصيني بالذكرى الـ 95 لتأسيسه.

في الوقت ذاته، انخرط الجيش الصيني في مزيد من التدريبات بالقرب من تايوان في محاولة لردع تدخل محتمل من طرف ثالث، حسب وصف المجلة.

وفي مايو الماضي، أشار الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى إمكانية أن ترد الولايات المتحدة عسكريا للدفاع عن تايوان، إذا حاولت الصين الاستيلاء عليها بالقوة، وفقا لتقرير سابق لـ”وول ستريت جورنال”.

ورغم أن احتمال غزو الصين لتايوان لا يزال بعيدا، لكن بكين تمتلك العديد من “مسارات التصعيد بعيدا عن الصراع المباشر”، بما في ذلك إرسال طائرات للتحليق فوق الأراضي التايوانية. 

وتحذر “فورين أفيرز” من اتخاذ بكين إجراءات أكثر تشددا بشأن “تايوان”، ما قد يؤدي إلى حدوث أزمة كاملة.

حسب “فورين أفيرز”، فإن تنفيذ الاستراتيجية الصينية حول “النظام العالمي الجديد” سيتطلب وقتا طويلا، ويمكن انهيار تلك الاستراتيجية في حال “اتخاذ الصين سلوك عدواني ضد جيرانها”.

وقد يؤدي تعطش الرئيس الصيني للاستمرار في السلطة إلى “تدمير السياسة الخارجية الصينية”، وفقا لفورين أفيرز.

Scan the code