أعلن علماء من وكالة الفضاء الأوروبية أن المهمة “إقليدس” تمكنت بنجاح من التقاط الصور الأولى على سبيل الاختبار، والتي كانت دقيقة وواضحة بشكل كاف لتشير إلى أن التلسكوب الفضائي سيحقق أهدافه التي أرسل من أجلها، وسيبدأ في إنجازها خلال أسابيع قليلة.
وبحسب بيان صحفي رسمي صادر من الوكالة، فإن الاختبارات الأولية جرت للتأكيد على دقة أداتين تستخدم كلتاهما مرآة بقطر 1.2 متر، الأولى هي أداة إقليدس المرئية “فيز” (VIS)، وتحتوي على 36 وحدة من أجهزة التحكم عن بعد وحساسات مصممة خصيصا لتلبية المتطلبات الصعبة للبعثة، حيث تتميز بكفاءة عالية للغاية وتشويش منخفض وتحمل جيد للإشعاع، كما تتميز بقدرة تصوير تساوي 600 ميغا بيكسل.
أما الأداة الثانية فهي مطياف من الأشعة تحت الحمراء القريبة ومقياس الضوء “نيسب” (NISP)، والتي تتكون من فسيفسائية تحتوي على 16 كاشفا للنطاق القريب من الأشعة تحت الحمراء، والتي توفر قياسات دقيقة للمسافات لأكثر من مليار مجرة بدقة أفضل 10 أضعاف من القياسات الضوئية المعتادة.
أهداف في الكون المظلم
وتهدف هاتان الأداتان لتحقيق مهمة إقليدس الأساسية، وهي معرفة ما إذا كانت الطاقة المظلمة حقيقية أم لا. والطاقة المظلمة هي كيان يفترض العلماء أن وجوده يتسبب في تسارع تمدد الكون. ولفهم الأمر تخيّل أنك تلقي بكرة للسماء، من المفترض بعد قليل أن تقف وتعود إليك بفضل الجاذبية، لكن ماذا لو اكتشفت أنها كلما ابتعدت عنك، تصبح أسرع في الصعود.
في هذه الحالة ستفترض أن هناك شيئا خفيا يدفع الكرة، وهكذا يتخيل العلماء حالة الكون، إذ كان من المفترض أن يهدأ في تمدده بعد الانفجار العظيم بفترة، لكنه على العكس من ذلك يتسارع، مما يشير إلى وجود شيء ما خفي يدفعه للتسارع، هذا الشيء هو الطاقة المظلمة.
ستحاول المهمة إقليدس كذلك اختبار فرضيات أخرى لهذا التسارع، منها أن النظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين يمكن أن تكون خاطئة على المقاييس الكبيرة، أو أن الكون يعد أقل كثافة أو انتظامًا في التوزيع مما تقترحه النظريات الحالية، وهي فرضيات تنفي بنجاحها وجود الطاقة المظلمة.
إلى جانب ذلك، تهدف المهمة لاستكشاف أحد أسرار الكون الأخرى وهو المادة المظلمة، تلك المادة التي لا يمكن للعلماء رصدها، ولكنهم يرصدون أثرها الجاذبي على محيطها، حيث يظهر للعلماء أن المجرات تظهر (في أرصادهم لسرعتها) أثقل مما تبدو عليه، مما يعني وجود مكوّن خفي لها، هذا المكون هو المادة المظلمة.
وتمثل كل من المادة والطاقة المظلمتين 95% من تركيب هذا الكون، ويتبقى 5% فقط لما نعرفه، ويمثل مادة المجرات والنجوم والكواكب وكل شيء، وصولا إلى الأدوات التي نستخدمها يوميًا وتلك التي تدخل في تركيب أجسامنا.
انطلقت إقليدس للفضاء في الأول من يوليو/تموز الماضي على متن الصاروخ “فالكون 9″، وقد وصلت تقريبا إلى المنطقة المستهدفة بحلول الأول من أغسطس/آب الجاري، هذه المنطقة هي نقطة “لاغرانج الثانية” على مسافة متوسطة تبلغ 1.5 مليون كيلومتر خارج مدار الأرض (النقطة نفسها التي يقف عندها جيمس ويب)، ومن المتوقع أن يعمل التلسكوب الجديد هناك لمدة 6 أعوام على الأقل.