تصف مجلة فوربس الأميركية، زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، الذي أعلنت الولايات المتحدة، الاثني، مقتله، بأنه “يتمتع بقوة رمزية كبيرة على الرغم من العلاقة المثيرة للجدل مع قادة الإرهاب الآخرين”، وبشكل كبير تنبع تلك القوة الرمزية من العلاقة الطويلة التي جمعت الظواهري بزعيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن، – الذي قتل هو الآخر بغارة أميركية.
والظواهري صاحب تاريخ أسود في صناعة الإرهاب العالمي، إذ يرتبط اسمه بالتخطيط لتفجيرات سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا في أغسطس 1998، وهو نفس الشهر الذي أعلن فيه عن مقتله.
وبقي الظواهري – رغم قلة ظهوره – مرتبطا بالأحداث، حيث دعا عام 2017 السنة الذين يعيشون في العراق إلى شن حرب عصابات طويلة ضد القوات الشيعية العراقية عقب استعادتها الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش، وفق فوربس.
من هو الظواهري
ولد الظواهري في مصر قبل 71 عاما، وكان قائد مجموعة عملت في أفغانستان قبل أن يدمج مجموعته بتنظيم القاعدة في التسعينيات.
وتقول صحيفة Washington Post إن الظواهري هو صاحب فكرة هزيمة “العدو البعيد” أي الولايات المتحدة قبل هزيمة “العدو القريب” المتمثل في الأنظمة والحكومات في الدول العربية والإسلامية.
ويقول الموقع إن دماغ الظواهري ويديه هما من وجها تنظيم القاعدة طوال السنوات الماضية.
وقدمت الحكومة الأميركية مكافأة تصل إلى 25 مليون دولار للحصول على معلومات عن أيمن الظواهري الذي يصفه موقع FBI بإنه “القائد العام للقاعدة”، وزعيم سابق لجماعة الجهاد الإسلامي المصرية الإرهابية.
تفاصيل مثيرة عن مقتل الظواهري.. مفاجأة المكان والصاروخ الدقيق
على مدى أسابيع، وبدقة فائقة خطط جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية عملية قتل زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، من دون أن تسفر عن سقوط ضحايا.
ويقول موقع مكتب التحقيقات الفيدرالي: “يُعتقد أن الظواهري، مع أعضاء كبار آخرين في القاعدة، قد خطط لهجوم 12 أكتوبر 2000 على المدمرة الأميركية كول في اليمن والذي أسفر عن مقتل 17 أميركيا وجرح أكثر من 30″، و”ساعد في تنسيق هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة والتي خلفت ما يقرب من 3000 قتيل”.
والظواهري “متهم في الولايات المتحدة لدوره في تفجيرات 7 أغسطس 1998 لسفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا التي أسفرت عن مقتل 224 شخصا وإصابة أكثر من 5000 آخرين”.
وتنقل الصحيفة عن بروس ريدل، الخبير السابق في مكافحة الإرهاب في وكالة المخابرات المركزية الأميركية قوله إن الظواهري هو “أيديولوجي القاعدة، رجل فكر وليس رجل عمل”.
وقال ريدل إنه بعد نهاية العقد الثاني بعد هجمات سبتمبر، “بدت قدرة الظواهري على تشكيل الأحداث أو ممارسة القيادة داخل الحركة الجهادية المنتشرة على نطاق واسع موضع شك متزايد”.
الطريق إلى الإرهاب
ولد الظواهري في 19 يونيو 1951، في حي المعادي بالقاهرة، لأب هو أستاذ الصيدلة، محمد ربيع الظواهري.
وقد تأثر أيمن الظواهري في وقت مبكر من حياته بقريب له يدعى محفوظ عزام، وهو ناقد متطرف للعلمانية في مصر، وبكتابات سيد قطب.
ووفقا لكتاب “البرج في الأفق” للورانس رايت، الحائز على جائزة بوليتزر، فإن الظواهري انتمى إلى خلية متطرفة تعمل على “الإطاحة بالحكومة المصرية” في عام 1966، بعد إعدام قطب، وهو بعمر 15 عاما.
ونمت مجموعة الظواهري لتصبح “جماعة الجهاد الإسلامية”، التي اندمجت فيما بعد مع القاعدة.
وحصل الظواهري على شهادة في الطب من جامعة القاهرة، وخدم في الجيش المصري كجراح، وافتتح عيادة بالقاهرة، وتزوج “عزة نوير” وله منها ابن وخمس بنات.
ونوير هي ابنة عائلة ثرية ذات علاقات سياسية، وفقا لواشنطن بوست.
وتقول الصحيفة إن الظواهري عمل في عيادة طبية تابعة للإخوان المسلمين، ومنها دعي للقيام بأول زيارة له إلى أفغانستان، حيث قدم العلاج في مخيمات اللاجئين على طول الحدود الأفغانية الباكستانية.
وتضيف “هناك تقاطع طريق الظواهري مع الشاب وقتها، السعودي أسامة بن لادن”.
بايدن عن مقتل الظواهري: صرحت بضربة دقيقة تخرجه من ميدان المعركة مرة وللأبد
أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الاثنين، رسميا مقتل زعيم القاعدة، أيمن الظواهري، بغارة أميركية نفذت في أفغانستان، وقال إنها “خططت بعناية لتجنب سقوط مدنيين”.
وبدأت الجماعة التي يقودها الظواهري سلسلة من المؤامرات في أوائل الثمانينات لاغتيال قادة مصريين ولعبت دورا في قتل الرئيس المصري أنور السادات في 6 أكتوبر 1981.
واعتقل الظواهري عقب الاغتيال، لكنه خرج بعد أن قضى حكما بالسجن لمدة ثلاث سنوات، وادعى لاحقا في مذكراته أنه تعرض للتعذيب أثناء سجنه، وهي تجربة قال إنها جعلته أكثر تصميما على تدمير الحكومة المصرية بالقوة.
وتقول الصحيفة إن الظواهري قام بزيارة واحدة على الأقل إلى الولايات المتحدة في التسعينات، وهي جولة قصيرة في مساجد كاليفورنيا تحت اسم مستعار لجمع الأموال للجمعيات الخيرية الإسلامية التي تقدم الدعم للاجئين الأفغان.
وأثناء إقامته في أفغانستان في عام 1997، ساعد الظواهري في التخطيط لهجوم وحشي على السياح الأجانب في أطلال الأقصر الشهيرة في مصر، وهو هجوم استمر 45 دقيقة أودى بحياة 62 شخصا، من بينهم سائحون يابانيون وفتاة بريطانية تبلغ من العمر 5 سنوات وأربعة مرشدين سياحيين مصريين.
وبعد المذبحة الكبيرة، حول الظواهري اهتمامه إلى محاربة الولايات المتحدة، واندمجت جماعته مع جماعة القاعدة وبن لادن.
وكلف الظواهري بالتخطيط لموجات لاحقة من الهجمات الإرهابية – عقب هجمات سبتمبر – بهدف زيادة إضعاف الاقتصاد الأميركي وعزمه.
وأطلق برنامجا طموحا للأسلحة البيولوجية، وأنشأ مختبرا في أفغانستان وأرسل تلاميذ للبحث عن علماء متعاطفين مع التنظيم وأيضا للبحث عن سلالات قاتلة من بكتيريا الجمرة الخبيثة.
ويعتقد مسؤولو الاستخبارات الأميريكية أن جهود الظواهري ربما كانت ستنجح، لو لم تؤدي حملة عسكرية مدعومة من الولايات المتحدة إلى طرد حلفاء القاعدة من طالبان من السلطة في أفغانستان وأجبرت الظواهري على التخلي عن مختبره للأسلحة البيولوجية.
الهروب إلى باكستان
وفر الظواهري مع بن لادن إلى المنطقة القبلية في باكستان، حيث اختبأ الرجلان.
وعلى الرغم من المطاردة المكثفة، استمر الظواهري في الظهور بانتظام في مقاطع الفيديو المنشورة على المواقع الإلكترونية الصديقة لتنظيم القاعدة.
ويعتقد مسؤولون أميركيون أنه استمر أيضا في توجيه العديد من العمليات الإرهابية، بما في ذلك حصار المسجد الأحمر في إسلام أباد بباكستان عام 2007، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص.
وفي سبتمبر 2021، أصدر موقع إلكتروني موال لتنظيم القاعدة مقطع فيديو جديدا تحدث فيه الظواهري المسن لمدة ساعة، بعد شائعات بشأن وفاته.