في أغرب حفل عرس، هو الأول من نوعه في اليمن، قرر عريس يمني إقامة عرسه داخل إحدى شاحنات النقل الثقيل، وقام بتجهيز الصندوق الحديدي الخلفي وتأثيثه ليصبح مجلساً لاستقبال المدعوين من أقاربه وجيرانه وأصدقائه.
ونجح عريس يمني في كسب احترام ملايين الشباب اليمنيين، وعاش الفرحة مرتين في مناسبة زفافه، ليكون أول عريس في البلد الحزين الذي يوفر على نفسه تكاليف القاعات ويقيم عرسه فوق “قاطرة نقل” باللهجة اليمنية.
فكرة بديلة لكسر غلاء إيجار قاعات الأعراس
وأثار العريس الإعجاب بهذه المبادرة الاجتماعية التي اعتبرها نشطاء ومؤثرون أنها فكرة اقتصادية ووصفوها بـ”حاجة ملحة” في وقت عصيب تكابد فيه البلاد أوضاعاً معيشية خانقة في زمن الحرب والنزوح ونقص الغذاء والدواء، وقالوا إن إقامة عرس تقليدي، أصبح نوعاً من الترف الاجتماعي نتيجة غلاء المهور وارتفاع تكاليف حجز قاعة عرس للاحتفال، إضافة إلى أن أجرة الفنان الذي سيحيي هذا المناسبة تعادل بحسبهم قيمة مهر العروس.
تضرر الخيام وقاعات الزفاف نتيجة السيول والأمطار
ومع موجة السيول وشدة الأمطار في صنعاء وتعز وإب وبعض المدن، والتي تسببت بتضرر كبير في خيام الأعراس المتحركة وتحطم بعض أسقف قاعات الأعرس، ما دفع هذا العريس إلى ابتكار طريقة للاحتفال بزفافه تماشياً مع حالة الظروف الصعبة، حيث اضطر لتدبير أجواء عرسه بسبب غلاء إيجار القاعات في اليمن، لينقلب على طقوس تنظيم حفلات الأعراس التي يغلب عليها طابع الإسراف والبذخ.
من الشاحنة التي تحولت لقاعة عرس
معاناة شعب يرفع شعار “الفرح موجود بكل مكان”
إلى ذلك، ضخ رواد التواصل الاجتماعي في اليمن، الخميس، مقاطع فيديو فرائحية مع مجموعة صور من أجواء هذا العرس، خطفت إعجاب اليمنيين، كما لفتت أنظار العالم لمعاناة شعب فقير يرفع شعار “الفرح موجود بكل مكان” لينتصر لإرادته وتضحيته من أجل الحياة، شعب مسالم وعنيد يخرج من بين ركام الحروب، ليكافح من أجل أن يصنع فرحته حتى لو بأبسط الموارد وأقل الإمكانات والتكاليف.
وقد نجح في تحويل عرسه إلى مصدر بهجة وعنوان بساطة رغم قسوة العيش ومرارة الظروف وقهر الفاقة.
وأوضح أحد المقربين من العريس، متحدثا لـ”العربية.نت” أن ظروف الحرب أجبرت الكثيرين على ضرورة الاقتصاد في صرف نفقات زائدة على مظاهر العرس من أجل إضفاء البهجة والبهرجة والصيت الاجتماعي، مشيراً إلى أن العريس استطاع بالفعل توفير إيجار القاعة في ظل الأوضاع الخانقة، واختار إحياء مراسيم العرس على متن شاحنة ثقيلة.
ونقلاً عن مقربين، فإن العريس سعى إلى تغيير أجواء بعض الأعراس والكف عن تكبد الديون من أجل مظاهر زائلة ليس لها أي داعٍ.
أسلوب هدر بملايين الريالات للاحتفال بيوم واحد
وقال نشطاء لـ”العربية.نت” إن مفهوم الأعراس التقليدي الذي يكبد الأسر تكاليف باهظة هو أسلوب هدر في سبيل احتفال ليوم واحد، حيث برأيهم أن إيجاد بدائل اقتصادية يمكنها توفير الكثير الفرح والابتهاج من دون أن تلغي مراسيم الاحتفاء بليلة العمر. وأشاروا إلى أن حجز قاعة يكلف ملايين الريالات فيما تكلف أجرة الفنان لإحياء ليلة العرس قرابة مليون ونصف ريال أي ما يعادل مهر العروس.
طقوس وتقاليد الأعراس للرجال والنساء شمال اليمن
ووفقاً لعادات وتقاليد الأعراس في اليمن، فإن طقوس الأعراس شمال اليمن متقاربة، فالعرس بالنسبة للرجال يستمر يومين، يتزين فيه الشارع أو الحارة الخاصة بالعريس، ويحضر الضيوف لتناول وجبة الغداء ومن ثم المقيل في إحدى القاعات الخاصة بالمناسبات والزفة والسمرة، ويتسامرون بالرقص على أنغام الغناء والبرع والنشيد والمزمار في بعض العائلات.
بينما يكون عند النساء قاعة خاصة بهن، وتستمر الطقوس لديهن نحو أسبوع كامل، ويكون اليوم الأول يوم “الحمام” و”الذبال” و”النقش” و”الحفلة” ويفرق بينها وبين يوم الدخلة يوم يسمى “نسمة” يتم تنقيش العروس، استعداداً لذهابها لمنزل زوجها.