أكدت رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، التي وصلت تايوان في زيارة مثيرة للجدل، الثلاثاء، أنها قدمت إلى هناك للوفاء “بتعهد” قديم، مشيرة إلى أن الزيارة توجه “رسالة لا لبس فيها” بشأن الوقوف إلى جانب الجزيرة، مؤكدة كذلك أن الزيارة “لا تتعارض مع سياسية الصين الواحدة”.
وتحت عنوان: “لماذا أقود وفدا من الكونغرس إلى تايوان؟” أشارت بيلوسي في مقال رأي نشر بصحيفة واشنطن بوست إلى قانون العلاقات مع تايوان، الذي أقره الكونغرس قبل 43 عاما، ورفضت واشنطن بموجبه الاعتراف بالسيادة الصينية على تايوان، ونظم العلاقات مع الجزيرة.
وقالت إن هذا القانون “وفر إطارا لعلاقة اقتصادية ودبلوماسية من شأنها أن تزدهر بسرعة لتصبح شراكة رئيسية. لقد عزز صداقة عميقة متجذرة في المصالح والقيم المشتركة: تقرير المصير والحكم الذاتي، والديمقراطية والحرية ، وكرامة الإنسان وحقوق الإنسان”.
وأضافت أنها “تعهدت رسميا” بدعم الدفاع عن تايوان، واعتبار أن “أي جهد لتحديد مستقبل تايوان بطرق أخرى غير الوسائل السلمية” هو “تهديد للسلام والأمن في منطقة غرب المحيط الهادئ ومثير للقلق الشديد”.
وتابعت: “اليوم، يجب على أميركا أن تتذكر ذلك العهد. يجب أن نقف إلى جانب تايوان، جزيرة الصمود”.
وتشير في مقالها إلى أن الديمقراطية في تايوان باتت “مهددة” ففي “السنوات الأخيرة، كثفت بكين التوترات بشكل كبير” من خلال أشكال عسكرية متعددة، ما دفع وزارة الدفاع الأميركية إلى استنتاج أن الجيش الصيني “يستعد لتوحيد تايوان بالقوة”.
وأشارت كذلك إلى الضغط الاقتصادي والهجمات الإلكترونية التي تشنها الصين “وترهيب الدول التي تتعاون مع تايوان”.
وقالت: “يجب أن يُنظر إلى زيارة وفد الكونغرس على أنها تصريح لا لبس فيه بأن أميركا تقف إلى جانب تايوان، شريكنا الديمقراطي، وهي تدافع عن نفسها وعن حريتها”.
إلا أنها أوضحت أيضا أن الزيارة “لا تتعارض بأي حال من الأحوال مع سياسة الصين الواحدة طويلة الأمد، مسترشدة بقانون العلاقات مع تايوان لعام 1979، والبيانات المشتركة بين الولايات المتحدة والصين والضمانات الستة. تواصل الولايات المتحدة معارضة الجهود الأحادية الجانب لتغيير الوضع الراهن”.
وتابعت: “تضامن أميركا مع تايوان أكثر أهمية اليوم من أي وقت مضى. ليس فقط لـ23 مليون شخص في الجزيرة، ولكن أيضا للملايين الآخرين المضطهدين والمهددين من قبل جمهورية الصين الشعبية”.
وتطرقت في المقال إلى السياسة الداخلية الصينية، حيث أشارت إلى “استمرار سجل بكين السيئ في مجال حقوق الإنسان وتجاهلها لسيادة القانون، حيث يشدد الرئيس شي جينبينغ قبضته على السلطة”، و”القمع وحشي في هونغ كونغ، وحملة محو لغة أهل التبت وثقافتهم ودينهم وهويتهم، وإبادة جماعية في شينجيانغ ضد مسلمي الأيغور”.
وقالت: “لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي بينما يواصل الحزب الشيوعي الصيني تهديد تايوان، والديمقراطية نفسها.. من خلال السفر إلى تايوان، فإننا نحترم التزامنا بالديمقراطية، ونعيد التأكيد على وجوب احترام حريات تايوان وجميع الديمقراطيات”.
وأضافت: “نقوم بهذه الرحلة في وقت يواجه فيه العالم خيارا بين الاستبداد والديمقراطية. بينما تشن روسيا حربها غير القانونية مع سبق الإصرار ضد أوكرانيا، وتقتل الآلاف من الأبرياء، حتى الأطفال، فمن الضروري أن توضح أميركا وحلفاؤنا أننا لا نستسلم أبدا للحكام المستبدين”.
وعادت قضية تايوان إلى الظهور مجددا في صلب العلاقات الأميركية الصينية، بعد الجدل حول زيارة بيلوسي ضمن جولة أسيوية بدأتها نهاية الأسبوع.
وأعربت الصين عن غضبها من هذه الزيارة، وقال المتحدث باسم الخارجية، تشاو ليجيان، إنه بسبب وضع بيلوسي “المسؤول الثالث للحكومة الأميركية”، فإن زيارة تايوان، التي تدعي الصين أنها مقاطعة خاصة بها، “ستؤدي إلى تأثير سياسي فظيع”.
وحطت طائرة رئيسة مجلس النواب في مطار العاصمة التايوانية تايبي، الثلاثاء، وأظهرت لقطات تلفزيونية حية بيلوسي، وهي تنزل من طائرة عسكرية أميركية في مطار سونغشان في تايبي، وكان في استقبالها وزير الخارجية التايواني جوزيف وو.
وحذرت الصين الولايات المتحدة، الثلاثاء، من أنها “ستتحمل المسؤولية وستدفع الثمن” في حال وصلت بيلوسي تايوان.
وتعتبر بكين تايوان جزءا من أراضيها وتعلن أنها تريد أن تستردها بالقوة إن اقتضى الأمر. وهي حذرت واشنطن أكثر من مرة من مغبة قيام بيلوسي بزيارة الجزيرة والتي قالت إنها ستعتبرها استفزازا.
“الغموض الاستراتيجي”.. ما هو الموقف الأميركي من تايوان؟
سلطت تصريحات الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأخيرة حول إمكانية أن ترد الولايات المتحدة عسكريا للدفاع عن تايوان إذا حاولت الصين الاستيلاء عليها بالقوة الضوء على تاريخ طويل للسياسة الخارجية الأميركية مع هذا الملف وموقف واشنطن من تايوان الذي اتسم بالغموض قبل أن يظهر بايدن قدرا من التحول ثم محاولة مساعديه شرح هذا الموقف بما يتناسب مع الموقف الثابت من المسألة