تبحث إسرائيل عن حلول لجفاف البحيرات ونقص المياه العذبة، ويبدو أن تركيزها سينصب في الفترة المقبلة على مياه البحر الأبيض المتوسط، وفقا لتقرير نقلته شبكة “سي إن إن” الأميركية.
وتسلط الشبكة الضوء على “بحر الجليل” (بحيرة طبريا) مثالا، الذي يعد في الواقع بحيرة مياه عذبة، كانت تعد مصدرا للحياة على مر قرون مضت.
وحتى اليوم تروي البحيرة الكروم والمزارع المحلية التي تحوي مختلف أنواع الفاكهة والخضراوات، وتعد نقطة جاذبة للسياح بآثارها وتاريخها والينابيع الساخنة ومسارات التنزه، مما ينعش المجتمعات المحلية.
لكن هذا الموقع، الذي ذكر الإنجيل أن المسيح نفذ فيه عددا من المعجزات، يواجه الآن مستقبلا يلفه الغموض، حيث شهدت مستويات مياه البحيرة انخفاضا ملحوظا، وسجلت قبل خمس سنوات تدنيا قياسيا.
ومع التغير المناخي الذي يعصف بمعظم المياه العذبة في أنهار الشرق الأوسط وبحيراته، تحاول إسرائيل ابتكار طريقة لضخ المياه من البحر الأبيض المتوسط، بعد تحليتها، إلى البحيرة وعبر أجزاء البلاد.
وتملك إسرائيل باعا طويلا في مجال تحلية المياه، وطوال 20 عاما قامت بإزالة الملح من مياه المتوسط في عملية تسمى “الإسموزية العكسية”.
ورغم أن ولاية كاليفورنيا الأميركية لجأت إلى هذه التقنية خلال مواسم الجفاف، إلا أن الشبكة ذكرت في تقريرها أن الوضع في إسرائيل يعد “واقعا يوميا مفروضا”، إذ تعمل خمسة معامل لتحلية المياه على طول الساحل لتلبية حاجات 9.2 مليون شخص.
لكن، تقول “سي إن إن” إن هذه المعامل تشغَّل بالغاز الطبيعي، مما يفاقم مشكلة المناخ، التي تتسبب بنقص المياه العذبة في الأصل، مشيرة إلى أنه ومع مرور الوقت واعتماد المعامل معايير صديقة للبيئة، فإن الحل الذي تقدمه إسرائيل قد يصبح جذابا.
تفاصيل المشروع
ورغم أن المشروع يبدو متواضعا في البداية، إلا أنه يعد الأول من نوعه، وفقا للشبكة، التي ذكرت أنه سيتكون من أنبوب مياه بعرض 1.6 متر يمتد على طول 31 كلم، بكلفة 264 مليون دولار، والذي سيضخ المياه المحلاة في نبع “تسالمون” المغذي للبحيرة.
وقال مدير قسم الهندسة في شركة المياه الوطنية الإسرائيلية، ناعوم بين شوا، في حديثه للشبكة إنه استغرب الفكرة لدى طرحها، لكن “وبسرعة، فهمنا قيمة هذا للسوق المحلية ذاتها”.
كما يرى أن هذا المشروع سيساهم في تنمية الزراعة بالمنطقة الأوسع، بما فيها ما يخص الأردن المجاور.
وعقدت إسرائيل اتفاقية مطولة لبيع عشرات الملايين من الأمتار المكعبة من المياه سنويا إلى الأردن، وفي عام 2021، وقعت الدولتان اتفاقية جديدة تتضمن حصول الأردن على 200 مليون متر مكعب كل عام، لتغطي حوالي 20 في المئة من حاجة المملكة، مقابل الطاقة الشمسية التي يمكنها أن تغذي الشبكة الإسرائيلية.
ومن المتوقع أن تقوم شركات إماراتية ببناء 600 محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في الأردن.
وتضيف الشبكة أنه، خلال أشهر، يتوقع أن يضخ الأنبوب الجديد 120 مليون متر مكعب من المياه سنويا، لكنه لن يضخ في “بحر الجليل” إلا عندما تستدعي الحاجة ذلك.
واستعرض جدعون غال، مدير العلماء في مختبرات “Kinneret Limnological” الإسرائيلية بعض المخاوف من إضافة مياه البحر المحلاة إلى البحيرات الطبيعية.
ويقول للشبكة الأميركية: “عندما تخلط المياه المحلاة بالمياه الطبيعية، ترى تأثيرا على البيولوجيا في التجارب .. إذ سنقوم بجلب أشياء إلى البحيرة قد لا تكون موجودة بشكل طبيعي”.
وحتى مع الفوائد المرجوة، قال غال إنه يتمنى ألا تحتاج البحيرة إلى أي تدخل بشري.
واستدرك قائلا: “لكن بالنظر إلى ما نعتقد أننا نعرفه عن تغير المناخ، وما الذي سيحدث في البحيرة .. فإن مخاطر إدخال المياه المحلاة تعد مجازفة تستحق العناء”.