التخطي إلى المحتوى

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إنه رغم انتشار السيارات الكهربائية في شوارع أوروبا وطرقها؛ فإن الدول الأوروبية قدّمت إعانات كبيرة للوقود الأحفوري خلال العام الماضي.

وأضاف: “عندما ارتفعت أسعار الكهرباء والغاز والمواد النفطية، قدّمت هذه الحكومات إعانات كبيرة لسكانها لشراء البنزين والديزل والكهرباء، وقلنا لهم منذ اليوم الأول أنتم لا تدعمون الوقود الأحفوري فقط بل تزيدون استهلاكه وتفاقمون المشكلة؛ لأنه مع ارتفاع الأسعار ينخفض الطلب لتتوازن الأسواق”.

جاء ذلك خلال حلقة من برنامج “أنسيات الطاقة“، قدّمها الحجي على منصة “إكس” بعنوان “مآسي الدعم الحكومي لمصادر الطاقة والسيارات الكهربائية”، موضحًا أنه من الأشياء التي حدثت العام الماضي (2022) أن دول أوروبا التي تعادي النفط والغاز والفحم وترفض تقديم الإعانات لها، قدَّمت إعانات بنفسها.

ولفت إلى أن هذه الدول فاقمت المشكلة بتقديم الإعانات؛ فالناس لن يخفضوا استهلاكهم، والنتيجة الحتمية لهذا التدخل الحكومي هو ما يحدث اليوم من زيادة كبيرة في استهلاك البنزين، رغم الزيادة الكبيرة في السيارات الكهربائية في الشوارع الأوروبية، والآن وصلت أسعار النفط إلى 92 دولارًا والكل يصرخ من ارتفاع أسعار البنزين.

إفلاس الشركات المدعومة حكوميًا

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إنه من الأمور التي لا يريد أنصار تغير المناخ، وخاصة المتطرفين منهم، الحديث عنه، هو إفلاس الشركات المدعومة حكوميًا؛ إذ إن هناك شركات في أوروبا وأميركا؛ منها 3 شركات في الولايات المتحدة لصناعة السيارات الكهربائية أفلست.

وأضاف: “7 شركات للطاقة الشمسية أفلست، كما أفلست 4 شركات تنتج البطاريات، والغريب في الأمر أن هناك انطباعًا بأن هناك عصابة؛ فعندما تغلق إحدى الشركات التي تنتج السيارات الكهربائية، تعلن أن البطاريات التي اشترتها كانت تالفة، وهي من إنتاج شركة “إيه 123″ (A123)، وهي شركة دعّمتها حكومتا أوباما وبايدن”.

وأوضح الدكتور أنس الحجي أنه مع إفلاس شركة صناعة السيارات بسبب البطاريات، لم يعد هناك طلب على بطاريات شركة “إيه 123″، التي أفلست بدورها، وتجاوزت خسائرها حاجز الـ100 مليار دولار، وهي خسائر ضخمة جدًا.

وتابع: “هناك من يقول إن تكاليف الطاقة الشمسية بسيطة وأقل بكثير من تكاليف الغاز، ولكن هذه المليارات التي ضاعت بسبب الشركات التي أفلست لا بد من حسابها ضمن التكاليف، وهناك من سيقول إن تكاليف السيارات الكهربائية الآن والبطاريات تنخفض، ولكن الشركات المفلسة والمليارات التي خسرها دافعو الضرائب غير محسوبة بسبب التدخل الحكومي والإعانات”.

لذلك، وفق الحجي؛ فإنه مع إعلان شركة “بروتيرا” إفلاسها، خلال شهر أغسطس/آب 2023، وهي المدعومة من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، عندما ذهبوا إلى القاضي بموجب القسم 11 من قانون الإفلاس الأميركي الذي يحمي المفلس من الدائنين، تضمّنت أوراقهم بشأن خططهم المستقبلية الاعتماد على ما قاله بايدن بأنه سيواصل دعمهم وتقديم أموال دافعي الضرائب لهم.

أي أن خطة الإنقاذ الخاصة بهم من الإفلاس، ما زالت تعتمد على أموال دافعي الضرائب الأميركيين، على الرغم من حصولها على هذه الأموال في السابق في صورة إعانات، ومع ذلك لم تتمكن من تحقيق النجاح وتعلن إفلاسها في الوقت الحالي.

أسعار السيارات الكهربائية وتكاليفها

قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن رئيس شركة “مرسيدس بنز” الألمانية كان قد أعلن، خلال الأسبوع الماضي، بشكل صريح، أن أسعار السيارات الكهربائية وتكاليفها ستظل أعلى من السيارات العادية، وهو ما يناقض كل ما يقوله الآخرون في هذا الشأن.

وأضاف: “بعد ذلك، يأتي أحد مؤيدي السيارات والمركبات الكهربائية، ويقول إن التكاليف سوف تنخفض، على الرغم من أنه لا توجد سيارة كهربائية يتم إنتاجها حول العالم الآن إلا وتنتج بخسارة وتباع بخسارة، فشركة تيسلا، على سبيل المثال، إيرادها الأساسي ومصدر أرباحها ليس السيارات وإنما ائتمانات الكربون”.

السيارات الكهربائية
سيارة كهربائية من إنتاج شركة تيسلا الأميركية – الصورة من موقع الشركة الرسمي

وأوضح الدكتور أنس الحجي أنه ما زالت هناك مشكلة كبيرة؛ إذ إنه بالنظر إلى أسهم شركات السيارات الكهربائية وشركات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، أو الشركات المالكة لمزارع الرياح، نجد أن بعضها خسر 90% من قيمتها منذ العام الماضي؛ بما فيها شركات لوسيد ونيو، التي خسرت 80% من سعرها.

وتابع: “لماذا يحدث ذلك ما دام أن هذه الشركات لها مستقبل؟ ولماذا انخفضت أسهمها بهذا الشكل؟ السبب الأول أنهم منذ البداية رفعوا الأسهم دون أن يستحق هذا الرفع، كما أن أسعار المواد الأساسية اللازمة للتحول الطاقي ترتفع بشكل مستمر، ومنها المعادن اللازمة للصناعة”.

بالإضافة إلى ذلك، وفق الحجي، هناك أزمة عالمية؛ لذلك تحاول حكومة بايدن -سواء مع السعودية أو الهند وغيرهما- أن تسحب هذا الأمر من الصين؛ لأن كل السيطرة الآن صينية، ولكنهم لن يستطيعوا ذلك؛ لأن الصين تعمل منذ نحو 20 عامًا في مجال المعادن اللازمة لتحول الطاقة، ولا يمكن أيضًا إرسال جيش إلى الكونغو أو بلاد أخرى -مثلًا- لطرد الشركات الصينية.

المشكلة الأكبر لبعض الدول أن الشركات التي أفلست وباعت كميات من السيارات، لا توجد الآن قطع غيار لهذه السيارات، ولا يمكن استبدالها؛ لذلك إذا تعطلت فقد انتهت السيارة تمامًا، لافتًا إلى تقرير نشرته منصة الطاقة المتخصصة، بشأن رفع شركات التأمين هنا في الولايات المتحدة تكاليف التأمين على كل السيارات الكهربائية، وأعلاها على سيارات تيسلا بأكثر من الضعف؛ لأن تكاليف إصلاحها أعلى بكثير من العادية.

والآن، بدأت هذه الشركات تثير موضوع ضرورة تدريب شركات خاصة أخرى على إصلاح هذه السيارات؛ لأنه في كل مرة تأتي إلى توكيلها تكون هناك مشكلة، وبعض التقارير تشير إلى أن الوقت اللازم لإصلاح السيارات الكهربائية أكبر بنحو 14% من اللازم لإصلاح السيارات العادية، بينما التكاليف أعلى بنحو 40 إلى 100%.

إضراب يهدد الصناعة في أميركا

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والديمقراطيين يسيطرون على مجلس الشيوخ، وهم دائمًا يؤيدون نقابات العمال على عكس الجمهوريين، ولكنهم الآن وقعوا في إشكالية كبيرة.

وأوضح أن هذه الإشكالية أن أكبر نقابة عمال أميركية، تابعة لشركات السيارات قررت الإضراب، بعد التضخم الذي حدث وارتفاع الأسعار الكبير؛ إذ يطالبون بزيادة رواتبهم ومنافع أخرى، وفي حالة إضرابهم خلال الأيام المقبلة ستكون هناك كارثة لصناعة السيارات الأميركية، خاصة السيارات الكهربائية.

السيارات الكهربائية
الرئيس الأميركي جو بايدن – الصورة من فورين بوليسي

وأضاف الدكتور أنس الحجي: “السبب في ذلك أن بايدن في قانون خفض التضخم حدد الإعانات للسيارات الكهربائية بحيث تستفيد منها فقط 3 شركات أميركية، ليست بينها تيسلا؛ لذلك هناك مشكلة الآن بينهم وبين إيلون ماسك، الذي اتجه إلى الصين بينما يحاولون الضغط عليه”.

الأمر الآخر، وفق الحجي، أن الإضراب سيؤخر جدول الإنتاج كله، ويؤثر في أشياء كثيرة؛ إذ سيرفع التكاليف أكثر في هذا الوقت في الجو المشحون بين النقابات وشركة “جي إم”؛ لأن الشركات تعتمد على بعضها؛ فهذا يؤثر في كل شركات السيارات.

في الوقت نفسه، يحاول الرئيس السابق دونالد ترمب كسب العمال؛ إذ أعلن في خطاب له مؤخرًا أنه في حالة فوزه بمنصب الرئيس سيوقف إنتاج السيارات الكهربائية في أميركا، وهي محاولة لاستعطاف العمال لمساندته في هذا الوقت.

بالتزامن مع ذلك، يستعد الكونغرس للتصويت على مشروع للجمهوريين -تم تسريعه- يحرم على ولاية كاليفورنيا تحديد وقت لإنهاء بيع سيارات البنزين والديزل، والذي كانت الولاية قد حددته في قانون سابق بعام 2035، ومن ثم لن يكون من حق الولايات ذلك ويصبح الأمر خاضعًا لحرية المستهلك.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

Scan the code