دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) — انتقدت متسلّقة نرويجية ما وصفته بـ”المعلومات الخاطئة وخطاب الكراهية” التي تناولتها بادعاءات تزعم أنّها وفريقها أكملوا مسار التسلّق إلى قمة “كي 2” المميتة، رغم وجود عتّال يُحتضر.
والشهر الماضي، حقّقت كريستين هاريلا والنيبالي تينجين شيربا، المعروف باسم لاما، رقمًا قياسيًا بأسرع صعود إلى جميع قمم جبال العالم الـ14 التي يبلغ ارتفاعها 8 آلاف متر.
وأتما هذا الإنجاز خلال ثلاثة أشهر ويوم، وذلك بعد تسلق قمة جبل “كي 2” في باكستان، التي تعتبر آخر قمة في رحلتهما والأكثر تحديًا، تقنيًا، من جبل إيفرست.
ولكن إنجازهما راهنًا تعترضه ادعاءات مثيرة للجدل، تفيد بأن عشرات من المتسلّقين مرّوا بعتّال باكستاني سقط من حافة شاهقة، وكان معلّقًا رأسًا على عقب في حبال ثم توفي لاحقًا.
وفي حديثها لـ CNN، الجمعة، أصرّت هاريلا على أنها وفريقها بذلوا كل ما في وسعهم لإنقاذ العتّال الباكستاني محمد حسن، ونفت ظهورها في لقطات متداولة للحادث.
وكان المتسلق النمساوي، فيلهلم شتايندل، على الجبل في ذلك اليوم، وفقًا لمقابلة أجراها مع صحيفة The Standard النمساوية، الثلاثاء. وصرح أنّه قرر التراجع عندما أصبحت الظروف شديدة الخطورة.
وبمجرد عودته إلى معسكر القاعدة، قال شتايندل إنه شاهد لقطات مأخوذة بواسطة طائرة بدون طيار لأولئك الذين واصلوا السير على المسار الغادر، وثّقها المصوّر فيليب فليميغ.
وقال شهود عيان لاحقا إنهم شاهدوا رجلا قد سقط وتُرك معلقًا رأسًا على عقب، فيما مرّ به متسلّقون خلال رحلة صعودهم إلى القمة، وفقًا للتقرير.
ولم تشاهد CNN تلك اللقطات.
وصرح كل من شتايندل وفليميغ أنهما تحدثا لاحقًا مع شهود لتأكيد ما حدث والتأكد من هوية الضحية.
وقال فليميغ لصحيفة The Standard: “من خلال روايات ثلاثة شهود عيان مختلفين، يمكنني القول إن هذا الرجل كان لا يزال على قيد الحياة أثنار مرور حوالي 50 شخصًا بجانبه”.
وأضاف فليميغ: “يتّضح من هذا الأمر أيضًا في لقطات الطائرة بدون طيار، أنّ شخصًا واحدًا حاول مساعدته بينما كان يسعى البقية نحو القمة”.
وتابع: “الحقيقة هي أنه لم تكن هناك عملية إنقاذ منظّمة، رغم وجود جماعة الشيربا، والمرشدين الجبليين في الموقع، الذين كان بإمكانهم التدخل. لا أحد يستطيع أن يدعي أنه كان بإمكانه تشخيص الوضع بأنه لم يعد بالإمكان مساعدة ذلك الشخص”.
ورغم أن الرجلان لم يحددا هوية الأشخاص الذين مرّوا بالعتّال محمد حسن، قال فليميغ لصحيفة The Standard إنه بالإضافة إلى هاريلا، كان هناك متسلقان آخران يسعيان إلى تحقيق الرقم القياسي.
وأضاف شتايندل: “ما حدث هناك أمرٌ مشين. تترك إنسانًا حيًّا يرقد هناك لكي تحقق رقما قياسيا”.
كما استشهدت صحيفة The Standard بعبارة أدلت بها هاريلا إلى صحيفة Süddeutsche Zeitung الألمانية، مفادها أنّ عتّالا باكستانيًا سقط “أمام” مجموعتها، و”بعد نزولنا، علمنا أنه توفي”.
ونفت هاريلا الادعاءات الموجّهة ضدها، وقالت لـCNN: “كنا هناك عندما سقط لكننا لم نره يسقط بالفعل. رأيناه معلقًا على الحبال وحاولنا إنقاذه”.
وتابعت: “حاولنا إنقاذه لساعات عديدة”، مضيفة أنه كان مسارًا “ضيقًا للغاية” وأن ظروف هذا العام كانت سيئة للغاية.
وأضافت أن الحادث وقع قبل ساعات من تصوير الفيديو وفي منتصف الليل.
وفقا لهاريلا، أُجبرت هي ولاما في النهاية على مغادرة موقع الحادث للاطمئنان على بقية أفراد فريقها، بناء على تقارير عن انهيار جليدي.
ومع ذلك، بقي مصوّرها، غابرييل، في الخلف واستمر في تزويد العتال بالأكسجين والماء الدافئ – محاولًا تدفئته بما يكفي حتى يتمكن من المشي.
وأوضحت هاريلا إن غابرييل أُجبر في النهاية على مغادرة المكان عندما بدأت إمدادات الأكسجين في النفاد.
وردت هاريلا أيضًا على الادعاءات بإسهاب عبر موقعها على الإنترنت.
“[نحن] فعلنا كل ما في وسعنا”
وفي رد فعل غاضب على ما وصفته بالمشاركة “غير الحساسة” لمقاطع الفيديو والصور الخاصة بالمأساة من دون موافقتها، نقلت روايتها لما حدث خلال الساعات الأولى من ذلك اليوم.
وقدمت هريلا سرداً مفصلاً، الخميس، عن كيف قضت هي وفريقها 90 دقيقة في محاولة مساعدة محمد حسن مع أحد أصدقائه على الطريق.
وكتبت: “لم يكن هذا خطأ أحد، ولا يمكنك التعليق عندما لا تفهم الموقف، وإرسال تهديدات بالقتل ليس مقبولًا على الإطلاق”، من دون أن توضح من أرسل تهديدات بالقتل.
وتابعت: “أنا ولاما، وبالأخص غابرييل [مصورها على الجبل]، بذلنا كل ما في وسعنا من أجله (حسن) في ذلك الوقت”.
شرحت هاريلا تفاصيل مطولة حول الجهود التي زعمت أنها بذلتها هي وفريقها لسحب حسن للأعلى بعد أن سقط حوالي 5 أمتار.
وقالت إنهم عندما صادفوا حسن، “لم يكن يرتدي زيًّا دافئا، وكان بطنه مكشوفا للثلج والرياح ودرجات الحرارة المنخفضة، ما جعل الأمر في غاية الخطورة عليه”.
وأشارت إلى أنهم حاولوا نقله إلى مكان أقرب من المسار. ومع ذلك، “حدث انهيار جليدي واضطر بعض أعضاء الفريق إلى الانقسام لمساعدة المتسلقين الآخرين”.
وتابعت: “عندما تواصلنا مع فريق الإصلاح، أدركنا أنهم بخير. وواصل لاما التقدّم وبقيت في الخلف وسألت أفراد الشيربا إذا كانوا سيعودون. وقالوا سيفعلون، وبحسب ما فهمنا هذا يعني أن هناك المزيد من المساعدة قادمة لحسن”.
وأضافت: “قررنا المضي قدمًا لأن وجود العديد من الأشخاص في منطقة ضيقة سيجعل الأمر أكثر خطورة خلال عملية الإنقاذ. وبالنظر إلى عدد الأشخاص الذين بقوا في الخلف والذين عادوا، اعتقدت أن حسن سيحصل على كل المساعدة التي يمكنه الحصول عليها، وأنه سيكون قادرًا على النزول. لم نفهم تمامًا خطورة كل ما حدث حتى وقت لاحق”.
وذكرت أنه في مخيم القاعدة، سمعت أن الناس اعتقدوا أنه لم يساعده أحد، وأضافت: “لكننا ساعدناه. لقد بذلنا قصارى جهدنا، خصوصًا غابرييل. إن ما حدث حقًا مأساوي، وأشعر بالتعاطف الشديد مع عائلته. آمل أن نتعلم شيئًا من هذه المأساة. أن كل شخص يصعد إلى القمة بحاجة إلى تدريب مناسب وتجهيزات مناسبة وإرشادات صحيحة”.
وبعد الحادث، أسس المتسلّق النمساوي، شتايندل، صفحة عبر الإنترنت لجمع التبرعات لعائلة الضحية، ضمنًا أبناء حسن الثلاثة الصغار. وقد جمعت منذ ذلك الحين أكثر من 110 ألف دولار.