صحيفة المرصد: علق الكاتب مجاهد عبدالمتعالي، على محاولة اختطاف الصحويين المشهد الاجتماعي عبر تمركزهم الشديد في التعليم العام والعالي.
الصحوة تغني
وقال عبدالمتعالي، في مقاله “الصحوة تغني وتلبس الجنز”، المنشور بصحيفة “الوطن”:”أظن أن (الصحويين) حتى تاريخ كتابة هذا المقال ما زالوا يحاولون بمكر شديد اختطاف المشهد الاجتماعي عبر (تمركزهم الشديد في التعليم العام والعالي) لنراهم مستلهمين من تجربة وأدوات وأطروحات قناة مثل تلك القناة الفضائية التي تدعي إسلاميتها ووسطيتها وإنحيازها للشباب كآخر نسخة مطورة من تجربة الإخوان المسلمين في (تحديث أيديولوجيتهم) مع (الاستمرار في الإمساك بأنشطة التعليم اللامنهجية)، لنكتشف كيف أن هذه القناة أصبحت مرجعاً ملهماً لأنشطتهم فتظهر للمراقب (الساذج) وكأنها نسخة تعليمية لرؤية 2030″.
القرضاوي والزرقاوي
وأكمل:”بؤساً للثقافة الرخوة التي ترفع راية (الأدب الإسلامي/الفن الإسلامي) قبل بضع سنوات، والآن ترفع راية (2030) وفي ثناياها بخور وطلاسم أساليب القناة التي تلبس الجينز وتسمع الموسيقى وتتكلم لغتين، وتنسب لهيجل وكانط وفيكتور هيجو ما لم يقولوه تزييفاً وتضليلاً، وفي فلتات لسانها تمرر قناعاتها الحقيقية التي تراوح ما بين (القرضاوي والزرقاوي)”.
جهل بالتاريخ السياسي
ولفت:”رؤية (2030) تنطلق من رؤية (وطنية) وليست (أممية) وفي هذا الفرق الجوهري تنكشف الأوراق التي خلطوها، ولمن لا يدرك الفرق إما جهلاً بالتاريخ السياسي للمنطقة العربية أو اندفاعاً مع الشعارات الأممية (خمينية كانت أو إخوانية)، عليه مثلاً أن يقرأ تفاصيل (القضية الفلسطينية) بما فيها المأساة التي وقع فيها الأردن عندما جامل الفلسطينيين على حساب سيادته الداخلية، مما قاد الصراع الداخلي فيه إلى ما سمي آنذاك (أيلول الأسود)، بل إن لبنان قد سلم نفسه للقضية الفلسطينية أكثر مما تحتمل إمكانياته، فكان صراع الداخل اللبناني بين فلسطينيين ولبنانيين، وانقسم اللبنانيون في إدارة الدفاع عن سيادتهم على وطنهم، وكانت النتائج مربكة ومخيفة، وليس من ضرورة لأي عربي أن يزايد على آخر في القضية الفلسطينية، فالجميع مزايدون حتى تصل إلى (مصلحتهم الوطنية) باستثناء لبنان حالياً، الذي عاش مرتهناً معظم تاريخه الحديث للمجاملات على حساب سيادته ما بين فلسطينيين وسوريين، والآن إيرانيين على حساب حياة اللبنانيين، ولن يعدموا مخرجاً من هذا المأزق كما خرجوا من مأزق الفلسطينيين قديماً بطريقة قاسية جداً، وعليه فلا مزايدة في هذا الشأن لأن التاريخ السياسي للقضية الفلسطينية أثبت أن كل دولة (إما مخلصة للقضية وهذا قليل أو مستثمرة فيها وهذا كثير) بشرط ألا تتضارب مع مصالحها، مما جعل بعض القيادات الفلسطينية تصاب بعدوى الاستثمار في قضيتها أكثر من عدوى الإخلاص لها، وياسر عرفات لم يسر في طريق أوسلو عبثاً بقدر ما كانت خلاصة سنين طويلة من تجارب النضال العسكري والسياسي من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين”.
قناعة إخوانية
وأوضح:”نعود لأدوات (الإخوان المسلمين) ونحاول أن يكون المقال موضوعياً وليس تعبوياً باتجاه تخوين (المتعاطفين عن جهل، أو المبرمجين بلا وعي) فنقول: الخطاب الأممي ليس إشكالاً في ذاته كقناعة شخصية، لكنه يتحول إلى مشكلة عندما يكون على حساب الوطن، (والأممية) قناعة إخوانية بامتياز، وكذلك الخطاب الشمولي إشكالي تماماً ويصادم تماماً رؤية 2030، لأنه ضد ترسيخ التعددية الثقافية بين المواطنين أنفسهم ثم بين المواطنين والمقيمين، ليصبح المواطن قادراً على التعاطي مع العالم بلغة إنسانية راقية تدرك أبجدية الإرادة الكونية في اختلاف الملل والنحل والألوان والأعراق”.
مضامين كوزموبوليتية
وأردف:”رؤية 2030 تعني أن باستطاعة الطالب السعودي وغير السعودي أن ينتقل إلى أي مدرسة في مناطق المملكة المختلفة، ولا يشعر بتمييز عنصري (طائفي، عرقي، ديني) لا في المناهج أولاً ولا في كادر التعليم (المحترف) ثانياً ولا مع الطلاب ثالثاً، فمهنة التعليم في صميمها يجب أن تصل إلى مهنية (الطبيب) في التعامل دون التفريق بين دين أو جنس أو لون، كما نرى في استقبال الجامعات الغربية لأبنائنا وبناتنا رغم اختلاف الثقافة والدين والعرق، وعليكم تخيل العكس لو حصل، وبغير ذلك فسيصعب علينا تحقيق طموحات قيادتنا السياسية في الاتجاه لما هو أبعد، كأن يكون وطننا مركزاً من أكبر مراكز الشرق الأوسط في استقطاب الاستثمار الأجنبي بكل ما في هذا الاستثمار من مضامين كوزموبوليتية يجب أن يصل المواطن لمستوى تحدياتها”.
قراءة الذات
وزاد:”رؤية 2030 ليست إلا تهيئة لما هو أبعد في سبيل وطن أرقى وأقوى وأكثر حضارة وتأثيرا عالميا، ولهذا عندما سئل ولي العهد عما بعد 2030 كانت إجابته 2040، وللعاجزين عن الفهم لأسباب عاطفية تجاه الإخوان المسلمين أو لبرمجة عقلية قديمة فعليهم ممارسة (النقد الذاتي) وإعادة () وإلا سيرتطم بالعولمة التي تجعله كالأحمق، فتراه يستظهر أدلة تحريم التصوير التي قال بها بعض المشايخ قديماً باعتبارها الحق المطلق، وفي نفس الوقت يحدثك عن إمكانيات كاميرا الجوال لديه باعتبارها أحدث ما توصلت إليه التقنية في مجال التصوير، فكأنما عقله مشطور إلى نصفين، فنصف تراثي يهذي به (قولاً) على الناس، ونصف حداثي يعيش به (فعلاً) بين الناس”.