أفاد علماء بأنهم “لم يفهموا بصورة تامة” ما حدث للنجم “منكب الجوزاء”، أحد ألمع النجوم في سماء الليل، منذ سنوات يتصرف ذلك النجم بطريقة غريبة، ففي وقت سابق أصبح أكثر قتامة ما أدى إلى الشك في أنه موشك على الانفجار والتحول إلى مستعر أعظم “سوبر نوفا” Super Nova. [النجوم هي شموس، إنها أفران هائلة الضخامة تشتعل بفضل انفجارات ذرية واندماجات نووية، لكنها تملك كتلة ضخمة أيضاً، أحياناً تنهار كتلة النجم بسبب خفوت الانفجارات في داخله، ثم تنهار كتلة النجم على نفسها بقوة، كأنها ترتطم ببعضها بعضاً، وفي سياق ذلك الانهيار تتجدد انفجارات الذرات والأنوية واندماجاتها أيضاً، لكن مع حدوث تغيير تغير حجم النجم فكأنه يولد من جديد، ويكون أحد احتمالات مآلاته أنه يتحول إلى الاشتعال المكثف، فيصبح كأنه شمس من نوع آخر، ويطلق عليه تسمية مستعر أعظم].
وبدلاً من تحوله إلى مستعر أعظم، حدث لـ”منكب الجوزاء” أمر غير اعتيادي، إذ إنه يتعافى من انفجاره الدراماتيكي، بل إنه “كأنما ينهض مجدداً”، وفق وصف علماء تتبعوا أحواله.
وقد خلص أولئك العلماء إلى ذلك الاستنتاج مستندين إلى بيانات من تلسكوب “هابل” الفضائي، ومعدات أخرى استعملوها في مراقبة النجم وانفجاره، وما يلي ذلك من تأثيرات.
وتذكيراً لقد أثار “منكب الجوزاء” انتباه العلماء على مدار قرون عدة، إذ إنه ألمع النجوم في سماء ليلنا، وقد ظلوا يراقبون الإيقاع المنتظم لومضاته المتكررة منذ حوالى 200 عام.
وفي عام 2019، شرع ذلك النجم في التصرف بطريقة مغايرة [عن مسار تحوله إلى مستعر أعظم]، ويعتقد العلماء أنه انفجر حرفياً، وأدى ذلك إلى انبثاقات كتل ضخمة من سطحه، أو ما يعرف بـ”إس إم إي” SME.
واستطراداً، تتشابه هذه العملية مع انبثاقات الكتل في إكليل الشمس [هي المنطقة الخارجية فيها]، التي تخرج بانتظام من الفرن الشمسي، وتسمى “سي إم إي” CME، في المقابل الانفجار في منكب الجوزاء كان أقوى بنحو 400 مرة، ولم يسبق له مثيل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في ذلك الصدد، ذكرت أندريا دوبري التي تعمل في “مركز الفيزياء الفلكية”، الذي يجمع المعلومات حول النجم، “أننا لم نشهد من قبل انبثاقات كتل ضخمة من سطح نجم ما، لقد وضعنا [نجم منكب الجوزاء] في حيرة، إنها ظاهرة جديدة تماماً يمكننا ملاحظتها مباشرة ومراقبة تفاصيل سطح ذلك النجم، باستخدام تلسكوب هابل، نحن نشاهد تطور نجمي أثناء حدوثه في الوقت الفعلي”.
قد يكون الانفجار حدث بعد أن اندفع عمود انفجار ضخم داخل النجم، ثم تمدد لاحقاً على ملايين الأميال عبر “منكب الجوزاء” كله، ثم فجر ذلك العمود جزءاً كبيراً من النجم نفسه، مخلفاً وراءه بقعة باردة مغطاة بسحابة الغبار، ما ترجم إلى خفوت سطوع ذلك النجم في سماء الليل، بالتالي تقدم المعطيات السابقة تفسيراً لما شوهد من انعدام سطوع “منكب الجوزاء” الذي حدث في أواخر عام 2019 واستمر أشهراً.
يبدو أن منكب الجوزاء يستعيد عافيته إثر تلك الحادثة، إذ انتهى معدل الومضات الذي بلغ 400 التماعة يومياً، وقد راقبه العلماء لمدة 200 عام، ويعود النجم نفسه إلى الالتماع مجدداً، في سياق عملية تجدد ولادته.
لا يزال العلماء يعملون على سرد قصة انفجاراتها وتداعياتها، لكنهم قد يحصلون على بعض المساعدة من تلسكوب “جيمس ويب” الفضائي، الذي قد يكون قادراً على مشاهدة الكتل التي انقذفت من انفجار ذلك النجم، أثناء تحركها في الفضاء مبتعدة عن “منكب الجوزاء”.
نشر في “اندبندنت” بتاريخ 16 أغسطس 2022