التخطي إلى المحتوى

نقل الاعتماد على هجمات الطائرات من دون طيار، الحرب الروسية على أوكرانيا إلى مستوى آخر من الصراع، مع سعي كل طرف إلى الحصول على هذه المسيرات الفتاكة، أو على أنظمة الدفاع الجوي المقاومة لها، وذلك بعدما تحولت هجماتها إلى سمة مميزة لهذه الحرب.

وشنت روسيا سلسلة من الهجمات بالمسيرات الانتحارية الملقبة بـ”كاميكازي” عبر أوكرانيا خلال الأسابيع الأخيرة،  مستهدفة البنية التحتية المدنية للمدن الأوكرانية البعيدة عن الخطوط الأمامية للحرب، بحسب تقرير “سي إن إن”.

وتقول الحكومة الأوكرانية إن كييف وفينيتسيا وأوديسا وزابوريجيا ومدن أخرى، تعرضت لوابل من هجمات الطائرات من دون طيار، وتناشد الدول الغربية لتكثيف مساعدتها في مواجهة التحدي الجديد، حيث زادت روسيا استخدام هذه الطائرات بعد حصولها على دفعات جديدة من إيران الصيف الماضي.

ما هي مسيرات الكاميكازي؟

تعد طائرات كاميكازي، أو الطائرات “الانتحارية”، نوعا من الأسلحة الجوية، يعرف باسم “الذخيرة المتسكعة” حيث تحوم فوق منطقة تم تحديدها على أنها هدف محتمل، قبل ضربها. وتتميز بصغر حجمها وسهولة إطلاقها، بالإضافة إلى إمكانية إطلاقها من مسافات بعيدة وصعوبة رصدها.

ويشير الاسم “كاميكازي” إلى الطيارين العسكريين الذين شنوا هجمات انتحارية للإمبراطورية اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية. غير أنه على عكس الطائرات المعتمدة في تلك العمليات فإن مسيرات “الكاميكازي” ذاتيه الاستخدام، ومحملة بمتفجرات تنفجر عند الارتطام.

الاستخدام الروسي 

يؤكد الجيش الأوكراني والمخابرات الأميركية إن روسيا تستخدم طائرات مسيرة هجومية إيرانية الصنع، من طراز شاهد 136، بالرغم من نفي إيران تسليمها هذه الطائرات إلى موسكو,

وفي أغسطس الماضي، كشف مسؤولون أميركيون أن روسيا اشترت هذه الطائرات وتقوم بتدريب قواتها على كيفية استخدامها. ووفقا للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، طلبت روسيا 2400 طائرة من دون طيار من طراز شاهد -136 من إيران.

ونفت إيران تزويد روسيا بالأسلحة رغم وجود أدلة على عكس ذلك. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) عن المتحدث باسم وزير الخارجية الإيراني ناصر كنعاني قوله، الاثنين “أعلنت إيران مرارا أنها ليست طرفا في الحرب بين روسيا وأوكرانيا ولم ترسل أي أسلحة إلى أي من الجانبين”.

وتقول أوكرانيا إن قواتها أسقطت إحدى هذه المسيرات لأول مرة الشهر الماضي بالقرب من مدينة كوبيانسك في خاركيف.

وتم الإبلاغ عن المزيد من الهجمات منذ ذلك الحين، وأعلن الجيش الأوكراني، قبل أيام، أنه أسقط 17 طائرة من دون طيار من طراز شاهد -136 في ذلك اليوم وحده.

ووفقًا للصور التي نشرتها السلطات الأوكرانية، أعادت روسيا تسمية هذه الطائرات واستخدامها تحت اسم “جيران”.

كما تمتلك موسكو أيضا طائرات “كاميكازي” من دون طيار، من صنع شركة كلاشينكوف الروسية للأسلحة. 

خطورة المسيرات

رغم صغر حجمها نسبيا، إلا أن طائرات شاهد بدون طيار قادرة على حمل صواريخ، وتبلغ حمولتها حوالي 50 كيلوغراما، مما يعكس قدرتها على إلحاق أضرار كبيرة.

وفي هذا السياق، يقول اللواء المتقاعد في الجيش الأسترالي، ميك رايان، لشبكة CNN، إن تلك الطائرات ذات فائدة محدودة بشكل عام ضد الأهداف العسكرية التي تتطلب الدقة”.

ويتابع أن “الروس يستخدمون هذه الطائرات لضرب أهداف كبيرة مثل المدن”، مشيرا إلى “غياب فائدة عسكرية لهذه الهجمات، إنما تتعلق بإرضاء بوتين للمتشددين في روسيا بعد أن كانوا في حالة من النشوة الأسبوع الماضي بعد الهجمات الصاروخية”.

ويتهم زيلنسكي موسكو باستخدام الكاميكازي، لنشر الرعب بين المدنيين: قائلا: “طوال الليل والصباح، يرهب العدو السكان المدنيين بالطائرات من دون طيار وصواريخ تهاجم أوكرانيا بأكملها.”

من جهته، ندد الصليب الأحمر الدولي، في بيان الأسبوع الماضي، باستخدام الطائرات المسيرة ، قائلا إن استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان يتسبب بأضرار نفسية، فضلا عن إصابات تهدد الحياة.

إمكانيات المواجهة؟

وتطلب أوكرانيا من حلفائها أنظمة دفاع جوي منذ بداية الحرب في فبراير، لكن الحاجة أصبحت أكثر إلحاحا منذ بدأت روسيا في استخدام الطائرات بدون طيار الإيرانية الصنع، بحسب “سي إن إن”.

وكانت أنظمة الدفاع الجوي واحدة من أهم ثلاث أولويات على قائمة رغبات الأسلحة الأوكرانية التي قدمت خلال اجتماع مجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية في بروكسل، الأربعاء الماضي، وفقا لمنشور تم تقديمه لوزراء الدفاع المشاركين في الاجتماع.

وصرح الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، للصحفيين، بأن الولايات المتحدة وحلفاءها بحاجة إلى تزويد أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي حتى تتمكن أوكرانيا من الدفاع عن مجالها الجوي ضد الهجمات الروسية، مشيرا إلى أن عددا من الدول الحليفة تمتلك مجموعة متنوعة من هذه الأنظمة.

ويكشف مسؤولون أوكرانيون أن قوات الدفاع الجوي الأوكرانية، تقوم بالفعل بإسقاط “الجزء الأكبر” من طائرات شاهد.

وعبر القائد العسكري الأوكراني، الجنرال فاليري زالوجني، الثلاثاء عن شكره لبولندا “إخوة السلاح” لتدريبها كتيبة دفاع جوي، قال إنها دمرت 9 من أصل 11 مسيرة من نوع شاهد. وقال إن بولندا أعطت أوكرانيا “أنظمة” للمساعدة في تدمير الطائرات من دون طيار.

وقدم زيلنسكي نداء آخر من أجل تعزيز قدرات الدفاع الجوي للديش الأوكراني، الخميس، قائلاً إن كييف تمتلك حوالي 10%  مما تحتاجه لمكافحة هجمات موسكو.

القدرات الأوكرانية

يستخدم الجيش الأوكراني طائرات من دون طيار من طراز RAM II كاميكازي، محلية الصنع، ويمكن أن تحمل هذه الذخائر ذات التوجيه الدقيق رؤوسا حربية بوزن 3 كيلوغرامات (6.6 رطل) ولها مدى طيران يصل إلى 30 كيلومترًا (18.6 ميلًا)، وفقا للمصنعين.

وتعتمد كييف أيضا على حلفائها في الحصول على الطائرات من دون طيار، حيث حصلت من الولايات المتحدة على عدة أنواع من أنظمة سلاح الجو. وتشمل: الطائرات بدون طيار 300 و600 Switchblade – وهي طائرات كاميكازي صغيرة محمولة يمكنها حمل رأس حربي وتنفجر عند الاصطدام.

وتصل Switchblade 300 إلى هدف على بعد 6 أميال (9.6 كيلومترات)، وفقا للمواصفات التي تقدمها الشركة المصنعة، في حين أن مدى Switchblade 600 الأكبر، يمكن أن يصل إلى أكثر من 20 ميلا (32 كيلومترا)؛ ويمكن إعداد كلا النظامين وتشغيلهما في غضون دقائق.

وفي شهر مايون، قدمت الولايات المتحدة للقوات الأوكرانية طائرات “شبح العنقاء”، التي يعتقد أنها تشبه Switchblade، غير أنه لا يتوفر إلا القليل من المعلومات بشأن قدراتها.

كما زودت المملكة المتحدة أوكرانيا بمسيرات، من ضمنها 850 طائرة من دون طيار تطلق يدويا من طراز Black Hornet.

كما نشرت أوكرانيا طائرات من دون طيار تركية الصنع من طراز Bayraktar TB2 وتقول إنها دمرت العديد من الأهداف العسكرية الروسية بها. 

Scan the code