التخطي إلى المحتوى

نبه أطراف عاملة في قطاع الصحة البريطاني إلى أن مرافق “الخدمات الصحية الوطنية” (أن أتش أس) NHS ليست مجهزة للتعامل مع “الجائحة الموازية” المستترة التي تطاول الصحة العقلية، بحيث يترك عدد من المرضى بلا تلقي العلاج المناسب.

وقد تسببت أزمة ارتفاع كلف المعيشة والتبعات التي تسبب بها وباء “كوفيد” في ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعانون مشكلات في السلامة العقلية في المملكة المتحدة. إلا أن خبراء الصحة يحذرون من أن النطاق الحقيقي للمشكلات قد يكون أكثر اتساعاً، لأن من المستحيل تحديد عدد الأشخاص الذين قد يتقدمون لاحقاً للحصول على الرعاية.

وفي هذا الإطار، أشارت سافرون كورديري الرئيسة التنفيذية الموقتة لـ”أن أتش أس بروفايدرز” Providers NHS التي تمثل مؤسسات استشفاء وإسعاف التابعة لـ”الخدمات الصحية الوطنية”، إلى أن حجم المشكلة بات يحتم معالجتها على وجه السرعة، فيما كانت مؤسستها قدرت سابقاً وجود نحو ثمانية ملايين شخص يحتاجون إلى رعاية في مجال الصحة العقلية ولا يحصلون عليها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يأتي ذلك في وقت بينت فيه أرقام أخيرة صادرة عن هيئة “أن أتش أس” أن 25 في المئة من الأفراد الذين تتفاوت أعمارهم ما بين 17 و19 سنة، يقدر الآن أنهم يعانون مشكلة صحية عقلية، أي بارتفاع عن المعدل المسجل في العام الماضي والذي كانت في حدود 17 في المئة.

وقالت السيدة كورديري في مقابلة أجرتها معها “اندبندنت”: “خلال محادثتي الأخيرة مع رئيس تنفيذي [لأحد مستشفيات “أن أتش أس”]، علمت منه أن تحليلهم تدهور مستوى الصحة العقلية على مدى الأعوام القليلة الماضية – لجهة عدد الأشخاص الذين يعانون هذه الحالات والاضطرابات – يعد بمثابة “جائحة موازية”. وأنا أوافقه في هذا التقييم. يتعين علينا العمل بسرعة لتلبية الحاجة المتزايدة إلى الرعاية الصحية العقلية التي لم يجر التعامل معها”.

ولفتت كورديري إلى أن حالات الصحة العقلية “ظلت مستترة وغير معلنة”، في الوقت الذي كانت فيه مرافق “الخدمات الصحية الوطنية” تواجه مصاعب في التعامل مع مفاعيل وباء “كوفيد”، وقد سجل منذ ذلك الحين ارتفاع في عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة والوصول إلى خدمات الرعاية الذهنية.

وأضافت المسؤولة في “أن أتش أس” قائلة إن “الذين نتحدث عنهم هم فقط الأشخاص الذين تمكنا من تشخيص حالاتهم”. ورأت أن “ما ينبغي أن يثير قلقنا يتعلق بالأفراد الذين لم يتقدموا بعد للحصول على الرعاية اللازمة لسلامتهم العقلية”.

وحذرت في المقابل من أن هذا الوضع قد يتفاقم، لأن ارتفاع كلف المعيشة قد يتسبب بمضاعفة مشكلات الصحة العقلية.

ومن المتوقع أن تكون للأزمة نتيجتان: الأولى تتمثل في تزايد عدد الأشخاص الذين يعانون لأول مرة مشكلات الصحة العقلية، في حين أن الثانية ترتبط ببعض الأفراد الذين سبق أن عانوا منها، والذين سيطرأ تدهور على صحتهم العقلية.

روزينا ألين خان وزيرة الصحة العقلية في حكومة الظل “العمالية” المعارضة قالت من جانبها، إن “الطلب على علاج الصحة العقلية يتزايد، إذ يعاني كثير من المرضى بمن فيهم الأطفال، أياماً في أقسام الطوارئ، منتظرين توافر أسرة لهم في أجنحة الصحة العقلية”.

وأضافت “الحكومة ببساطة لا تملك وسيلة لمعالجة الأزمة. ومن دون تأمين العلاج في الوقت المناسب، فإن الأمراض العقلية ستزداد سوءاً”.

ورأت خان أنه “بعد نحو 12 عاماً من سوء إدارة حزب “المحافظين”، أصبحت خدماتنا العامة واقتصادنا على شفير الهاوية”.

وكانت “اندبندنت” قد كشفت الشهر الماضي عن أن المرضى الذين يعانون مرضاً عقلياً، يجدون مصاعب بشكل متزايد في الحصول على المساعدة على مختلف مستويات مرافق “أن أتش أس”. وينتظر البعض ما يصل إلى ثمانية أيام في أقسام “الحوادث والطوارئ” لمنحهم أحد الأسرة في المستشفى، بينما تواجه الأرقام القياسية تأخيرات “غير مقبولة” في عدد الإحالات.

وتظهر أحدث الأرقام أن أكثر من 16 ألف شخص بالغ و20 ألف طفل من الذين يجب أن يتلقوا رعاية من “الخدمات الصحية الوطنية”، غير قادرين على الوصول إلى الخدمات الحيوية كل شهر.

مارك رولاند الرئيس التنفيذي لـ”مؤسسة الصحة العقلية” Mental Health Foundation [منظمة خيرية تعنى بمساعدة الناس على فهم وضع صحتهم العقلية والحفاظ عليها] قال إن مرافق “”أن أتش أس” تقوم بعمل رائع، لكننا نعلم أن خدمات الصحة العقلية لدينا، شأنها شأن خدماتنا الصحية، ترزح تحت ضغوط هائلة دفعت بها إلى حد الانهيار. وبات من الضروري الآن اتباع نهج يركز على الوقاية، أكثر من أي وقت مضى”.

ونبه أيضاً إلى أن الأبحاث أظهرت أن الضغوط المالية والفقر “يسهمان بشكل رئيس” في زيادة مشكلات الصحة العقلية. وقال “إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات وقائية واضحة لدعم الناس والمجتمعات، فستكون هناك زيادة في هذه الحالات في مختلف أنحاء المملكة المتحدة، وسيكون هناك مزيد من الطلب على خدمات الصحة العقلية”.

وأضاف رولاند “نعلم من فترات الركود السابقة أن الاستثمار الرئيس في المجتمعات وبرامج سوق العمل، يحمي الصحة العقلية للأشخاص الضعفاء وينقذ الأرواح”. ودعا تحديداً إلى زيادة تدريب موظفي الخدمة العامة على الخطوط الأمامية، كمستشاري الديون والعاملين في مراكز التوظيف. ورأى أن مثل هذه الخطوات سيكون لها تأثير اقتصادي إيجابي.

وفي تعليق على ما تقدم، قالت متحدثة باسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية البريطانية، “نحن نعلم أن الجائحة لم تؤثر فقط في الصحة البدنية للناس فحسب، بل أيضاً في صحتهم العقلية، بالتالي ظلت خدمات الصحة العقلية التابعة لـ”أن أتش أس” متاحة للجميع، ووضعت جميع مستشفيات الصحة العقلية خطوط مساعدة عاجلة للأفراد الذين يعانون أزمات نفسية”.

وختمت بالقول إن الحكومة زادت الاستثمار في خدمات الصحة العقلية التابعة لـ”أن أتش أس” بنحو مليارين و300 مليون جنيه استرليني (مليارين و780 مليون دولار أميركي) سنوياً حتى سنة 2024، مما يعني أن مليوني شخص إضافي سيتمكنون من الحصول على الدعم في مجال الصحة العقلية الممول من هيئة “الخدمات الصحية الوطنية”.

(function(d, s, id) {
var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0];
if (d.getElementById(id)) return;
js = d.createElement(s); js.id = id;
js.src = “https://connect.facebook.net/en_US/sdk.js#xfbml=1&version=v3.0”;
fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs);
}(document, ‘script’, ‘facebook-jssdk’));

Scan the code