التخطي إلى المحتوى

تعرض أسطول البحر الأسود الروسي وجناحه الجوي للقصف خلال الأيام الماضية عبر هجمات صاروخية وطائرات مسيرة أوكرانية، مما حول “قوة روسيا المخيفة” إلى خطة متأخرة، وفقا لتحليل نشر في مجلة “بوليتيكو”، الاثنين.

وأظهرت هذه الهجمات “مدى ضعف شبه جزيرة القرم التي ترسخ القوة العسكرية الروسية في البحر الأسود”. وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال”، في 22 أغسطس الحالي، إن شبه جزيرة القرم التي كانت بمنأى نسبي عن الحرب باتت جزءا من الأهداف الأوكرانية.

وقال محللون ومسؤولون عسكريون للصحيفة إن الضربات في عمق الأراضي التي تحتلها روسيا، بما في ذلك مقر أسطول البحر الأسود الروسي في سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم، عرقلت خطط موسكو للتوغل أكثر في جنوب أوكرانيا، وأجبرتها على إعادة التفكير في استراتيجيتها الأوسع.

وتساءل تحليل بوليتيكو عن كيفية تأثير تلك الضربات والهجمات على سير المعارك ومسار الحرب في أوكرانيا، خاصة أن “الأسطول الروسي في البحر الأسود كان يعتبر مركزيا لمحاولة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غزو أوكرانيا”.

وعندما أعلن بوتين عن بدء الغزو الشامل لأوكرانيا في 24 فبراير الماضي، كان الأسطول الذي يتخذ من شبه جزيرة القرم مقرا في قلب المعركة، حيث أطلق صواريخ كاليبر وكروز على أهداف عسكرية ومدنية في عمق أوكرانيا، ومنع الوصول إلى الموانئ، وشكل تهديدا لمدينة أوديسا الساحلية.

ويشير التحليل إلى أنه قبل الهجمات والضربات الأخيرة “ومنذ الأيام الأولى للغزو، استولت كييف على زمام المبادرة، وتسببت الضربات الصاروخية والانفجارات الغامضة في إحداث دمار في الأسطول الروسي، حيث أغرقت العديد من السفن، بما في ذلك الطراد الرئيسي موسكفا، ودمرت جناحها الجوي في شبه جزيرة القرم”.

وحولت سلسلة من الانفجارات والحرائق، شبه جزيرة القرم، التي تحتلها روسيا من قاعدة خلفية آمنة، إلى ساحة معركة جديدة في الحرب، ما يدل على ضعف الروس وقدرة الأوكرانيين على الضرب بعمق خلف خطوط العدو، وفق تقرير لوكالة أسوشيتد برس، نشر في 17 أغسطس.

وأفادت الوكالة في تقريرها أن “هناك أنباء عن تدمير تسع طائرات حربية روسية في قاعدة جوية في شبه جزيرة القرم (…) وانفجار مستودع للذخيرة”.

أوكرانيا تتصدى لـ”كاليبر”.. وانفجارات القرم تخرج نصف أسطول روسي عن الخدمة

قال رئيس الإدارة العسكرية في دنيبرو، فالنتين ريزنيشنكو، إن الانفجارات التي هزت المدينة صباح السبت، ناتجة عن إسقاط أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية أربعة صواريخ كاليبر أطلقتها القوات الروسية.

وقال مسؤول غربي، لرويترز في 19 أغسطس، إن انفجارات وقعت هذا الشهر في قاعدة ساكي الجوية بشبه جزيرة القرم أدت إلى خروج أكثر من نصف الطائرات الحربية التابعة للأسطول الروسي في البحر الأسود عن الخدمة.

ووقعت عدة انفجارات في التاسع من أغسطس في القاعدة الجوية القريبة من “نوفوفيدوريفكا” على الساحل الغربي لشبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا عام 2014.

وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه لرويترز إن أوكرانيا تحقق حاليا وبشكل مستمر “تأثيرات فاعلة” في العمق خلف الخطوط الروسية وهو أمر له تأثير ملموس على الدعم اللوجستي الروسي و”تأثير نفسي كبير على القيادة الروسية”.

ويلفت تحليل بوليتيكو إلى أنه “في حين أن أسطول البحر الأسود كان قويا بما يكفي لإبعاد البحرية الأوكرانية الصغيرة، إلا أنه لم يكن أبدا فخرا للبحرية الروسية. ويعتبر الأسطول الشمالي، المتمركز في سيفيرومورسك، أكبر قوة وأحدثها في الكرملين، وقد أرسل بعض سفنه للمساعدة قبل الغزو الروسي مباشرة”.

وكان من المتوقع أن “يلعب الأسطول المتمركز في شبه جزيرة القرم دورا كبيرا في العمليات ضد القوات الأوكرانية في الجنوب (…) وبينما تطلق غواصات روسية الصواريخ على أوكرانيا من وقت لآخر، فإن الأسطول لم يرق إلى مستوى التوقعات التي تم تحديدها في بداية الحرب”، وفقا للتحليل.

وتقول بوليتيكو إنه “منذ الربيع، تفاقمت مشاكل أسطول البحر الأسود، نتيجة لضعف القيادة، وتقادم المعدات (…) وأدت سلسلة الكوارث العسكرية إلى طرد قائد الأسطول، الأدميرال إيغور أوسيبوف”.

وأضافت أن “تلك المقاومة كانت شرسة. صواريخ نبتون المضادة للسفن المطورة محليا في أوكرانيا، أغرقت موسكفا، وصواريخ هاربون التي تبرعت بها الدنمارك، أغرقت سفينة إمداد روسية هذا الربيع، وأجبرت الأسطول على البقاء بعيدا عن الشاطئ، والخروج من القتال لعدة أشهر”.

وذكرت صحيفة “التايمز” في 20 أغسطس، أن القوات الأوكرانية لجأت إلى “استراتيجية جديدة” لمواجهة الغزو الروسي، من خلال استهداف المواقع التي تسيطر عليها موسكو داخل أوكرانيا والعمل “خلف خطوط العدو”، وهو ما يؤكد خبراء نجاحه في “منع تقدم القوات الروسية وتكبيدها خسائر متصاعدة”.

وشهدت عدة مناطق تسيطر عليها روسيا “داخل أوكرانيا وفي عمق الأراضي الروسية”، انفجارات استهدفت “مواقع استراتيجية لقوات موسكو”.

وفي شبه جزيرة القرم، تم الإبلاغ عن انفجارات بالقرب من قاعدة جوية في بيلبيك، على الساحل الجنوبي الغربي بالقرب من سيفاستوبول، مقر أسطول البحر الأسود الروسي، وفقا لصحيفة “التايمز”.

وأعلنت كييف عن ضربات خلف الخطوط الروسية في إقليم خيرسون الجنوبي، بما في ذلك جسر تستخدمه روسيا لإمداد آلاف الجنود على الضفة الغربية لنهر دنيبرو.

وقالت السلطات الروسية في لوغانسك إن القوات الأوكرانية قصفت المدينة بمنظومات المدفعية الأميركية عالية الدقة من طراز “هيمارس” الأميركية.

وفي روسيا، تم إخلاء قريتين بعد انفجارات في مستودع للذخيرة في مقاطعة بيلغورود، بالقرب من الحدود الأوكرانية، حسب “التايمز”.

أبطأت تقدم روسيا.. استراتيجية أوكرانية جديدة في الحرب

لجأت القوات الأوكرانية إلى “استراتيجية جديدة” لمواجهة الغزو الروسي، من خلال استهداف المواقع التي تسيطر عليها موسكو داخل أوكرانيا والعمل “خلف خطوط العدو”، وهو ما يؤكد خبراء نجاحه في ” منع تقدم القوات الروسية وتكبيدها خسائر متصاعدة”.

وبالعودة إلى تحليل بوليتيكو “أظهرت معركة جزيرة الأفعى أن الأسطول الروسي لم يكن لديه رد على الهجمات الأوكرانية، وأن التخلي الروسي عن الجزيرة جعل سفنها في البحر أكثر عرضة للهجمات الأوكرانية”.

وفي أوائل يوليو الماضي، انسحبت القوات الروسية من “جزيرة الثعبان” التي تمتاز بموقع استراتيجي، وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، حينها إن الانسحاب من الجزيرة يأتي كبادرة “حسن نية” إذ أكملت موسكو مهامها في الجزيرة وسحبت قواتها، لتثبت للمجتمع الدولي أنها لا تتدخل في جهود الأمم المتحدة لتنظيم ممر إنساني لتصدير المنتجات الزراعية من الأراضي الأوكرانية.

وقال روب لي، الزميل الأول في معهد أبحاث السياسة الخارجية الذي يتتبع جيشي روسيا وأوكرانيا، لبوليتيكو: “يمكن القول إن الخسائر التي لحقت بالسفن البرمائية الروسية أكثر أهمية من موسكفا. وأعاقت الخسائر قدرة روسيا على نقل القوات والمعدات حول شبه جزيرة القرم عن طريق البحر، وجعلت الروس أكثر ترددا في استخدام سفن الإنزال الحديثة التي نقلتها من أساطيل الشمال وبحر البلطيق قبل الحرب مباشرة”.

وفي سياق متصل قال دبلوماسي غربي، لم تكشف بوليتيكو عن اسمه إن “أسطول البحر الأسود الروسي معطوب، ويستخدم الآن فقط كقوة دفاعية مع ضربات عرضية بصواريخ كروز”.

وأضاف أن “إبقاء الأسطول بعيدا في البحر يحد بشدة من خيارات الحملة الروسية في جنوب أوكرانيا”.

Scan the code