دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) — هناك العديد من العوامل التي قد تحدّد كيفية تعافي الأشخاص بعد إصابتهم بفيروس “كوفيد-19″، تشمل الجرعة الفيروسية التي تعرضوا لها، ومكان دخول الفيروس للجسم، الأنف أو الفم أو العينان، وأعمارهم وصحتهم الأساسية، والخصائص الجينية لسلالة الفيروس التي أصيبوا بها.
ويستكشف بحث جديد بُعدًا آخر في لغز كيفية تعرّض الأشخاص لهذه العدوى، أي الجينات.
تُظهر دراسة نُشِرت في دورية Nature الطبية، الأربعاء، أنّ الأشخاص الذين يحملون تغييرًا شائعًا في الجينات التي ترمز لبعض جزيئات جهاز المناعة الموجودة على سطح الخلايا المعروفة باسم مستضدات الكريات البيضاء البشرية، كانوا أكثر عرضة للإصابة بفيروس “كوفيد-19” من دون أي أعراض.
وجدت دراسة أخرى، نُشرت أخيرًا على الإنترنت كمسودة مسبقة قبل مراجعة الأقران والنشر، أن الأفراد الذين لديهم تغييرات معينة في الجينات بالقرب من FOXP4 الذي يرمز لبروتين نشط في الرئتين والجهاز المناعي، يبدو أنهم أكثر عرضة للإصابة بـ”كوفيد طويل الأمد”.
وتُستخدم مستضدات الكريات البيضاء البشرية لتحديد مدى توافق الأعضاء مع المرضى الذين يحتاجون إلى عمليات زرع، وهذه الجزيئات تنتصب من سطح بعض خلايا الدم البيضاء، وكذلك الخلايا في العديد من أنسجة الجسم الأخرى.
وأوضح مؤلف الدراسة، الدكتور جيل هولينباخ، أستاذ علم الأعصاب بجامعة كاليفورنيا في معهد ويل لعلوم الأعصاب في سان فرانسيسكو، أن مهمة جزيئات مستضدات الكريات البيضاء البشرية تكمن بتقديم أجزاء من البروتينات إلى جهاز المناعة، حتى يتمكن من التعرف إليها إذا تمت مواجهتها مجددًا.
وفي خلية ابتلعت الفيروس المسبب لـ”كوفيد-19″، يتحلّل بعض هذا الفيروس في الخلية، وتتنتقل بعض أجزاء البروتين إلى السطح، حيث تلتقطها جزيئات مستضدات الكريات البيضاء البشرية حتى تتمكن الخلايا التائية من رؤيتها.
والخلايا التائية هي خلايا مناعية تساعد الجسم على التعرف على البروتينات وتذكّرها، إنها تبني ذاكرة لجهاز المناعة كي يتمكن من الاستجابة إذا رأى العامل الممر!ض مرة أخرى.
وهناك ثلاث مجموعات عامة من مستضدات الكريات البيضاء البشرية، وضمن هذه المجموعات، هناك مئات الاختلافات في هذه الجزيئات.
وأشار هولينباخ إلى أن كل جزيء منها سيبحث بشكل محدد عن أنواع معينة من أجزاء البروتين ويعرضها بطريقة معينة حتى تتمكن الخلايا التائية من رؤيتها والتعلُّم كيفية إنتاج الأجسام المضادة لها.
وقد تساعد الجينات أيضًا على تفسير سبب إصابة بعض الأشخاص بأعراض تستمر وتتطوّر إلى “كوفيد طويل الأمد”.
لأكثر من ثلاث سنوات، كانت مجموعة دولية من العلماء يبحثون عن الجينات التي قد ترتبط بعدوى “كوفيد-19” الشديدة.
حصر الباحثون البيانات من 24 دراسة تشمل ما يقرب من 6،500 شخص وقارنوها بأكثر من مليون آخرين كانوا ضمن مجموعة المقارنة.
ويعد التحقيق في “كوفيد طويل الأمد” نتيجة فرعية لذلك الجهد، بقيادة علماء من معهد كارولينسكا في ستوكهولم بالسويد.
ومن خلال تحليل 11 دراسة من هذه الدراسات، التي تضمنت تسلسل جميع الجينات في جسم الشخص، ومن ثم مقارنة جينومات أعداد كبيرة من الأشخاص، أظهر أن أولئك الذين تطور لديهم كوفيد طويل الأمد على الأرجح يشتركون في الحمض النووي حول جين يُسمى FOXP4 الذي يبدو أنه مرتبط بالاستجابة المناعية في خلايا الحويصلات الهوائية الصغيرة بالرئتين. وتبدو هذه الخلايا أيضًا أنها تساعد على إصلاح الضرر في الرئتين.
وقال الدكتور هوغو زيبرج، مؤلف الدراسة الرئيسي وعالم وراثة تطوري في كارولينسكا: “هذا المتغير الجيني الخاص مثير للاهتمام لأنه يقدم بعض الرؤى حول بعض الآليات الكامنة المرتبطة بكوفيد طويل الأمد ويشير إلى وجود استعداد وراثي. ومع ذلك، لا يمكن الاعتماد عليه بمفرده لتحديد الأفراد المعرضين للخطر”.
وأضاف زيبرج أن الجينات على الأرجح تشكل جزءًا واحدًا فقط من الأسباب التي تؤدي إلى تطور الإصابة بـ”كوفيد طويل الأمد”، ويحتمل أن هناك العديد من الجينات المشاركة في ذلك.