إعداد: خالد موسى
يشعر الرئيس جو بايدن ببعض الأسف بشأن اسم قانون خفض التضخم، فمع دخول القانون عامه الأول الأربعاء، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن كبح الأسعار على الفور لم يكن هو الهدف.
وفي حين أن زيادات الأسعار قد تراجعت خلال العام الماضي، انخفض معدل التضخم من 9% إلى 3.2%. ويقول معظم الاقتصاديين: «إن القليل من الانخفاض جاء من القانون».
وقال جيسون فورمان، الخبير الاقتصادي في جامعة هارفارد: «لا أستطيع التفكير في أي آلية يمكن من خلالها خفض التضخم حتى الآن»، مضيفاً أن «القانون يمكن أن يساعد في النهاية على خفض فواتير الكهرباء».
ويقدم أليكس أرنون، محلل الشؤون الاقتصادية بجامعة بنسلفانيا، تقييماً مشابهاً. وقال: «يمكننا أن نقول بثقة قوية إن عوامل أخرى هي التي أدت إلى انخفاض التضخم. ولم يكن قانون خفض التضخم عاملاً مهماً».
ولا ينبغي أن يكون ذلك مفاجأة. عندما تم اقتراح قانون خفض التضخم، قال مكتب الميزانية في الكونغرس: «إن تأثيره في التضخم سيكون ضئيلاً».
قصة تسمية القانون
تم اقتراح القانون بعد فترة وجيزة من علم الأمريكيين بأن أسعار المستهلك كانت ترتفع بأسرع وتيرة منذ أربعة عقود. وكان السناتور الديمقراطي جو مانشين من ولاية ويست فرجينيا وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر من نيويورك، قد أجروا محادثات خاصة حول أجندة بايدن وطرحوا اسم قانون خفض التضخم، بمجرد التوصل إلى اتفاق. وتعهد بايدن في ذلك الوقت بأنه «سيقلل من الضغوط التضخمية».
والقانون الآن هو في صميم خطاب بايدن للناخبين المشاركين في الحملة الرئاسية لعام 2024. ولكن مع كون التضخم أقل إثارة للقلق، فإن بايدن يضع مزيداً من التركيز على أحكامه التي تهدف إلى مكافحة تغير المناخ، وخلق فرص العمل وخفض فواتير الرعاية الصحية للأفراد.
وقال بايدنه، الخميس في حفل جمع تبرعات في ولاية يوتا: «أتمنى لو لم أُسمِّ القانون بذلك لأنه لا يتعلق بخفض التضخم، بقدر ما يتعلق بتوفير البدائل التي تولد النمو الاقتصادي»، مضيفاً أنه «لا يزال يعتقد ذلك مع القانون: نحن فعلياً نخفض تكلفة قدرة الأشخاص على تلبية احتياجاتهم الأساسية».
تبعات مستقبلية للقانون
وفي حين أن القانون ربما لم يحد من التضخم خلال العام الماضي، إلا أنه يمكن أن يفعل المزيد في هذا الصدد في المستقبل، لأنه بدأ تنفيذه الآن. إلى جانب قانون «الرقائق»، هناك أيضاً علامات على أن قانون الحد من التضخم ساعد في تحفيز ما يقرب من 500 مليار دولار في إعلانات الشركات للاستثمار في المصانع الجديدة. وقد ساعد هذا على تعزيز سوق العمل، على الرغم من الجهود المبذولة لخفض التضخم الذي يعتقد العديد من الاقتصاديين أنه سيدفع الولايات المتحدة إلى الركود. وهذا الركود، كما توقع بايدن، لم يتحقق.
وعلى الرغم من أن القانون لم يحد من التضخم على الفور، إلا أنه يبدو أنه لم يفعل الكثير للتسبب في ارتفاع الأسعار بشكل كبير، كما زعم الجمهوريون. وقال رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي في أغسطس/ آب الماضي إن «أجندة بايدن ستدفع التضخم إلى الأعلى، فقط لتنخفض النسبة خلال العام الماضي».
وقال مكارثي لشبكة «فوكس نيوز» في مقابلة: «سيرفعون التضخم أعلى وسينفقون المزيد من الأموال وهو ما أوصلنا إلى هذه المشكلة».
وأكد بايدن، في جولته الغربية في ثلاث ولايات الأسبوع الماضي للمانحين والناخبين كيف يعالج القانون تغير المناخ ويعزز خلق فرص العمل مع تحرك الاقتصاد نحو الطاقة المتجددة.
وقال بايدن في حملة لجمع التبرعات في نيو مكسيكو: «لا علاقة لذلك بالتضخم. يتعلق الأمر ب 368 مليار دولار، وهو أكبر استثمار منفرد في مجال تغير المناخ في أي مكان في العالم».
أسباب هبوط التضخم
إذا لم يكن قانون خفض التضخم هو الذي يستحق الاهتمام، فما الذي تسبب في هبوط التضخم؟
يسرد الاقتصاديون ثلاثة أسباب رئيسية:
– تراجعت أسعار النفط والبنزين عن ذروة العام الماضي. وارتفعت أسعار الغاز بنسبة 60% في يونيو 2022 مقارنة بالعام السابق، بسبب الحرب في أوكرانيا. لكن أسعار الغاز هبطت بشكل مطرد حتى يناير/ كانون الثاني الماضي، عندما بدأت في الصعود دون العودة إلى ذروتها السابقة.
– رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي بشدة سعر الفائدة القياسي، مما جعله أكثر تكلفة للاقتراض وأدى إلى تباطؤ الطلب الذي كان يرفع الأسعار. وأدت الزيادات السريعة التي قام بها بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى مضاعفة متوسط معدلات الرهن العقاري تقريباً، ما أدى إلى انخفاض مبيعات المنازل القائمة. كما تراجعت أسعار المساكن بشكل طفيف في العام الماضي، ما قد يؤدي إلى ضغط هبوطي على تكاليف الإيجار. وشهدت أيضاً الصناعات الأخرى الحساسة لسعر الفائدة، وخاصة السيارات، انخفاضاً في الأسعار بعد الزيادات الحادة خلال الوباء.
– اختفت ثغرات سلسلة التوريد التي تسببت في النقص الناتج عن الوباء. وانخفض مقياس صعوبات سلسلة التوريد التي أنشأها بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، إلى ما دون مستويات ما قبل الوباء مع انخفاض تكاليف الشحن.
التضخم المرتفع
وألقى المشرعون الجمهوريون وبعض الاقتصاديين باللوم على التضخم المرتفع في العام الماضي، جراء التمويل الذي قدمته الإدارة بقيمة 1.9 تريليون دولار لمعالجة تبعات الجائحة، ومع ذلك يبدو أن أي تأثير لذلك في التضخم قد تضاءل الآن.
وقالت كريستين فوربس، الخبيرة الاقتصادية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والعضو السابق في لجنة تحديد أسعار الفائدة في بنك إنجلترا: «التحركات الكبيرة في التضخم هي في الأساس صدمات عالمية. هذه هي المحركات الأساسية، ولكنها ليست المحركات الوحيدة. ما فعله بنك الاحتياطي الفيدرالي قد ساهم أيضاً، بدون أدنى شك».
وقال مسؤولو إدارة بايدن: «إن أفعالهم ساهمت في خفض التضخم». ويقولون: «إن الإفراج عن النفط من الاحتياطي الاستراتيجي للولايات المتحدة قلل من الضرر المالي للغاز». كما أنشأت الإدارة فريق عمل لتحسين نشاط الموانئ الأمريكية وسلاسل التوريد. كما التزم البيت الأبيض الصمت بشأن رفع أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، ما أعطى البنك المركزي الاستقلال للعمل دون ضغوط سياسية.
وكان بايدن حريصاً على عدم إعلان فوز صريح ضد التضخم، لأنه لا يزال أعلى من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%. لكن البيت الأبيض يقول: «إن وفورات التكلفة من قانون خفض التضخم تأتي مع سن القانون».
وستقلل الإعفاءات الضريبية من تكلفة تركيب الألواح الشمسية على الأسطح بنسبة 30%، ما سيؤدي بدوره إلى خفض فواتير الكهرباء الشهرية. وتجعل الإعفاءات الضريبية أيضاً من تكلفة تركيب مضخة حرارية للتحكم في الهواء المركزي للمنزل، تؤدي إلى خفض فواتير الطاقة بمقدار 1000 دولار سنوياً. وهناك اعتمادات ضريبية أخرى للأبواب والنوافذ الموفرة للطاقة وكذلك العزل الجديد.
وستوفر المرافق الكهربائية التي تستخدم الإعفاءات الضريبية للطاقة المتجددة ما يقرب من 8.2 مليار دولار من المدخرات لعملائها. ويمكن للناس تحمل تكاليف شراء سيارة كهربائية جديدة بائتمان ضريبي بقيمة 7500 دولار.
ويحتوي القانون أيضاً على تدابير تتعلق بالرعاية الصحية. وقال بايدن في خطاباته: «إن متلقي الرعاية الطبية سيحصلون على التكلفة الشهرية للإنسولين بحد أقصى 35 دولاراً».
حماية الاقتصاد الأمريكي
ويمكن أن يساعد القانون في حماية الاقتصاد الأمريكي من ارتفاع تكاليف النفط وسلاسل التوريد المعطلة، التي تسببت في أحدث موجة من التضخم المرتفع.
وقال مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في «موديز»: «سيكون حساب قانون خفض التضخم إضافة كبيرة للاقتصاد على المدى الطويل لأنه يقلل من اعتماد الاقتصاد على الوقود الأحفوري».
وأضاف:«سيجعل الاقتصاد أقل عرضة لارتفاع أسعار النفط، والتي ساهمت تقريباً في كل ركود منذ الحرب العالمية الثانية».