كشفت مؤسسة حقوقية مستقلة، تصدر تقاريرها من لندن، الاثنين، عن استمرار تدهور الأوضاع الحقوقية وتوسع الانتهاكات ضد النساء، في مدن شمال سيناء، التي تشهد نزاعا بين قوات الجيش والشرطة المصرية، وبين عناصر مرتبطة بتنظيم داعش.
واعتبرت مؤسسة “سيناء لحقوق الإنسان” أن الممارسات التي ارتكبها أطراف النزاع أفضت إلى سحق الحقوق الأساسية للمدنيين، و”بعض هذه الممارسات بات كسلوك اعتاد أطراف النزاع فعله”، بحسب تقرير يغطي الانتهاكات عام 2021.
ويكشف التقرير المطول الذي صدر في 72 صفحة، وحمل عنوان “عودة مُلَغّمَة”، ملامح بشأن الحياة ومعاناة السكان المحليين العائدين لقراهم، عقب سنوات من النزوح القسري بعد انسحاب عناصر داعش، “ليتحول حلم العودة إلى كابوس بسبب مخلفات الحرب والعبوات الناسفة التي حصدت أرواح المدنيين”.
وأشار إلى أنه لا يزال لا يتم السماح للمنظمات الحقوقية بالدخول إلى مدن شمال سيناء، ويقيّد على نحو كبير عمل الصحافة فيها.
ووثّق فريق المؤسسة في الفترة التي يغطيها التقرير مقتل 32 مدنيا، منهم سبعة أطفال وثلاث سيدات، وإصابة 17 آخرين منهم أربع أطفال، مثل هؤلاء الضحايا جزءا من حصيلة القتلى، كما أجرت المؤسسة مقابلات مع 107 أشخاص من شهود العيان، وذوي الضحايا والسكان المحليين.
ويذكر التقرير أن هذه الفترة “شهدت مقتل ستة أشخاص من بينهم طفل وسيدة في عمليات قتل غير قانونية محتملة كنتيجة لإطلاق الرصاص من كمائن الشرطة والجيش بشكل كثيف كإجراء روتيني تعمد إليه القوات الحكومية بهدف تأمين محيط المكان والتثبت من عدم وجود تهديد عليها، دون وجود أي أهداف عسكرية محتملة أو نتيجة إطلاق الرصاص بشكل مباشر ومميت في الغالب دون توجيه إنذار مسبق، أو اتباع أي قواعد لإطلاق النيران تجاه المدنيين وسياراتهم التي لم تشكل في سلوكها أو بمظهرها أي تهديد عسكري”.
كما نقل وقوع هجمات بقذائف مدفعية عشوائية بواسطة الجيش المصري أفضت إلى مقتل سيدة وإصابة مدنيين اثنين آخرين.
وتشنّ القوّات المصريّة منذ فبراير 2018 حملة واسعة على مجموعات مسلّحة ومتطرّفة في شمال ووسط سيناء وفي مناطق أخرى من البلاد، حيث استهدفت تلك العناصر السيّاح والأقباط إلى جانب قوّات الأمن.
ومنذ بدء الحملة، أعلن الجيش المصري مقتل أكثر من ألف شخص يشتبه في أنّهم متشددون أو كما تسميهم بيانات الجيش “تكفيريّون”.
كما قتل خلال هذه الحملة عشرات العسكريّين، وفق إحصاءات الجيش الرسمية.
ولم تعترف السلطات منذ بداية العمليات العسكرية في سيناء بسقوط ضحايا مدنيين بنيران القوات الحكومية، بينما تقول المؤسسة الحقوقية إنها حصلت على وثائق طبية رسمية تفيد بأن ضحايا تلك الحوادث قُتلوا أو أصيبوا من جراء قصف مجهول المصدر “كما جرت العادة في تنصل السلطات من تبعات أعمالها العسكرية عندما تصيب المدنيين”، على حد تعبيرها.
كما وثقت المؤسسة خلال الفترة التي يغطيها التقرير مقتل عشرة مدنيين، بينهم أربعة أطفال وإصابة 11 آخري، من بينهم أربعة أطفال، بسبب العبوات الناسفة التي زرعها تنظيم داعش لاستهداف القوات الحكومية.
وحازت مدينة بئر العبد النصيب الأكبر من هذه الانتهاكات يليها مدينة الشيخ زويد، بسبب سقوط ضحايا من المدنيين العائدين إلى منطقة تفاحة في بئر العبد وبعض مناطق جنوب الشيخ زويد عقب نزوحهم بعد أن سيطر عليها مسلحو داعش، معتبرة أن ذلك “يعكس فشلا مستمرا للقوات الحكومية في تطهير المنطقة من الألغام واللامبالاة بحياة المدنيين الذين رغبوا في العودة لبيوتهم وقراهم”.
وتظل المعلومات الرسمية نادرة حول النزاع في شمال سيناء وهي منطقة مغلقة أمام الصحفيين.
ولكن القاهرة أكدت من قبل أن عملياتها التي تشمل أحيانا الهدم والطرد ضرورية في إطار مكافحتها للإرهاب وتنظيم داعش في شمال سيناء.