صحيفة المرصد: أكد الكاتب الدكتور بدر بن سعود ان فحص الزواج السعودي لم يتغير منذ إقراره قبل أكثر من 18 عاماً، مع أن الأمراض الوراثية المستوطنة في المملكة تختلف باختلاف المناطق، وأكثرها انتشاراً، بحسب المختصين، هو التأخر العقلي واعتلالات الشبكية الوراثية وأمراض الاستقلاب، بالإضافة لقرابة مئة مرض وراثي يعتقد بوجود أغلبها على المستوى المحلي، وان فحص ما قبل الزواج يحتاج لمجموعة مكملة من الاختبارات الطبية الضرورية، وبما يفيد في تراجع معدلات الطلاق.
فحص الزواج يحتاج إعادة نظر
موضحا في مقالته المنشورة في صحيفة الرياض اليوم بعنوان “فحص الزواج يحتاج إعادة نظر” في 24 أكتوبر الحالي اسماحة المفتي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، قال كلاما مهماً عن زيادة حالات الطلاق في المملكة، واعتبرها مؤشرا خطيراً يستهدف أمن المجتمع، ويؤدي إلى ضياع العائلة نتيجة لانفصال الوالدين، وان الاحصاءات انحازت لما قاله سماحته، فقد أشارت إلى أنه وخلال الفترة ما بين عامي 2020 و2021، سجلت بعض الدول العربية 7 حالات طلاق مقابل كل 10 زيجات، وأن أكثرها يحصل في العام الأول والثاني من الزواج، والكاتب يعتقد أن العلاج يبدأ بقائمة من الحلول الإجرائية، أبرزها: توسيع دائرة فحص الزواج خارج دائرة الأربعة الكبار، والتي تنحصر في مرضين وراثيين هما الأنيميا المنجلية والثلاسيميا، ومعهما مرضان معديان هما التهاب الكبد الوبائي والإيدز.
كما اضاف الكاتب بأن الأمراض الوراثية حول العالم يصل عددها إلى سبعة آلاف مرض تقريباً، وكل شخص يحمل في جيناته ما بين خمسة إلى عشرة أمراض وراثية، ويتشابه مع أقاربه بما نسبته 6 % من هذه الأمراض، وكلما زادت درجة القرابة ارتفعت نسبة إصابة ذريته بها بما لا يتجاوز 25 %، والزواج من خارج العائلة لا يعني الابتعاد عن الأمراض الوراثية، فهناك طفرات وراثية انتقلت إلى الأبناء في زيجات الأباعد، وبالتالي فالمسألة لا تحكمها قاعدة ثابتة، بخلاف أن الفحص لم يؤدِّ إلى النتائج المطلوبة، فقد أكدت دراستان سعوديتان منفصلتان على المفحوصين، أحداهما أجريت ما يبن عامي 2004 و2006 والأخرى في عام 2015، أن ما نسبته 90 % في الأولى و40 % في الثانية لم يتراجعوا عن إتمام الزواج، لأسباب عاطفية أو اجتماعية، رغم معرفتهم التامة بوجود مرض وراثي مشترك قد ينتقل لأبنائهم.
اختبار الخصوبة
مشيرا الى ضرورة إدراج اختبار الخصوبة أو القدرة على الإنجاب للرجل والمرأة، وذلك ضمن فحص ما قبل الزواج السعودي، لتجنب احتمالات عقم أحدهما وحدوث الطلاق، أو قيام طرف بالغش والتدليس على الطرف الآخر، وانهما من الموجبات الشرعية لفسخ عقد الزواج، إلا في حالة الإفصاح والقبول، فالاختبار يكشف عن أمور كثيرة، من أهمها، فحص سلامة غدد الرجل التناسلية، والتأكد من أن حيواناته المنوية حية وسليمة وليست مربوطة، والأخيرة تحصل إذا لم يرغب الرجل في الإنجاب من زوجته الجديدة، وفيما يخص المرأة، يظهر الاختبار وجود الرحم من عدمه، والتكيسات أو التشوهات في المبايض، وقدرة الدورة الشهرية على إنتاج البويضات، ومن العوامل المشتركة بين الجنسين في ضعف الإنجاب والعقم، التدخين والالتهابات الجنسية المتكررة نتيجة للعلاقات غير المشروعة، لاقتاً الى أن 20 % من الزيجات السعودية لديها معاناة مع الإنجاب، وبواقع زيجة واحدة من كل خمس زيجات.
إجراء الفحص السريري
مكملا بأن ما ينقص فحص الزواج كذلك، واستنادا لرأي أهل الاختصاص، هو إجراء الفحص السريري على طالبي الزواج لضمان عدم إصابتهما باعتلالات جسدية أو نفسية، وان الثانية مهمة، على اعتبار أن أمراضا من نوع الاكتئاب ثنائي القطب والفصام والوسواس القهري واضطرابات الشك، أسبابها وراثية في الغالب، حتى وإن تأخر ظهورها لما بعد العشرين، وهذه الأمراض تستمر مع الشخص طوال حياته ولا تخفف الأدوية إلا 40 % من أعراضها، والأصعب أنها قد تدفع المريض إلى الإجرام في حق عائلته والآخرين وتعاطي المخدرات، ولا يستبعد تورطه في تنظيمات إرهابية أو مخلة، وربما خلعت الزوجة نفسها أو
توسيع فحص الزواج
واختتم مقالته بأن وزارة الصحة السعودية أصبح لديها سجل إلكتروني كامل لكل مريض في الدولة، وما ينقصها هو توسيع فحص الزواج ليشمل الإضافات السابقة، والتنسيق مع وزارة التعليم لأخذ عينات دم من طلاب وطالبات المدارس الحكومية والأهلية، والكشف عن الأمراض الوراثية فيها، ومن ثم إيداعها في بنك ضخم برقم سري لا يعرفه إلا صاحب العينة، وعند فحص الزواج يتم الرجوع إلى العينات للتأكد من توافق طرفي الزواج وخلوهما من الأمراض، مع ربط السجل بوزارتي العدل والداخلية لفحص الصحيفة الجنائية والحالة الوظيفية والاجتماعية، وحالات تعاطي المخدرات المثبتة على كلا الطرفين، وبحيث يتم اطلاعهما عليها لمرة واحدة، وبمراقبة مختص وفي مكان محايد ومؤمن، وما سبق لن يدخل في فحص ما قبل الزواج، إلا بقرار حكومي مستعجل من صاحب الصلاحية، وبما يحقق صحة وسلامة المجتمع والمؤسسة التي تمثل مكونه الأول، ولا بأس من استنساخ تجربة ماليزيا، والتفكير في إصدار رخصة زواج تعطى بعد تأهيل وتهيئة المقبلين على الزواج على القيام بمسؤولياته.