دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)– تُثير دراسة جديدة التساؤلات عمّا إذا كان بإمكان بعض الأشخاص الانتظار لفترة أطول من الأعوام الـ10 المُوصى بها للخضوع لفحص القولون بالمنظار، وذلك بعد القيام بفحص أولي بنتيجة سلبيّة لسرطان القولون والمستقيم.
ونظرت الدّراسة المنشورة في مجلّة “JAMA Internal Medicine” إلى 120 ألف شخص يبلغون من العمر 65 عامًا أو أكبر في ألمانيا بين عامي 2013 و2019، وكان أولئك ممّن خضعوا لتنظير القولون بعد 10 أعوام أو أكثر من الفحص الأولي السّلبي.
وقارنت الدّراسة ذلك بجميع فحوصات تنظير القولون التي أُجريت على الأشخاص الذين يبلغون من العمر 65 عامًا أو أكبر في تلك الفترة الزمنيّة، وكان غالبيتهم قد خضع للفحص لأوّل مرة.
واتّضح أنّ وجود أورام ما قبل السرطان، أو الأورام السرطانيّة بالفعل كان أقل بنسبة 40% إلى 50% بين الأشخاص الذين خضعوا للفحص بشكلٍ متكرر، كما تواجدت الأورام المتقدّمة أو السرطانات لدى نسبة تترواح بين 4% و5% من النّساء فقط، وبين 5% و7% من الرّجال بعد 10 أعوام أو أكثر من ظهور نتيجة سلبيّة للفحص.
وقيّم الباحثون أيضًا ما إذا كان عدد النّمو غير الطبيعي مختلفًا بين الرّجال والنّساء، ووجدوا أن معدّل الانتشار كان أعلى بنسبة 40% لدى الرّجال.
وعند النّظر بحسب العمر، كانت معدلات الكشف أعلى بين الأفراد البالغين من العمر 75 عامًا أو أكبر.
واستنتج المؤلفون أن الفواصل الزمنيّة الحالية للخضوع لتنظير القولون، والتي تبلغ 10 أعوام، آمنة، كما أنّهم اقترحوا أن تمديد الفواصل الزمنيّة قد يكون مُبررًا في بعض الحالات، وخاصةً بين الإناث والشّباب الذين لا يعانون من أعراض في الجهاز الهضمي.
توصيات تنظير القولون الحاليّة
ويُعد سرطان القولون والمستقيم السّبب الرّئيسي الثّاني لوفيّات السّرطان في الولايات المتحدة، وهو أحد أكثر أنواع السّرطانات التي يمكن الوقاية منها عبر اختبارات الكشف الفعّالة، مثل تنظير القولون الذي يمكنه اكتشاف المرض المبكّر.
وانخفضت معدّلات الوفيّات جرّاء سرطان القولون والمستقيم خلال العقود الأخيرة، ويعود ذلك إلى تنظير القولون لحدٍ كبير.
وتوصي الإرشادات الحاليّة بإجراء فحوصات سرطان القولون والمستقيم لدى جميع البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 45 إلى 75 عامًا.
وتم تغيير الإرشادات مؤخرًا لبدء الفحص في سن الـ45 عامً بدلاً من الـ50 عامًا استجابةً لتشخيص المزيد من السرطانات بين الأشخاص الأصغر سنًا.
وإذا كانت نتيجة الفحص سلبيّة، فلن يحتاج المرضى للخضوع لفحصٍ آخر لـ10 أعوام.
ويرى أستاذ السّياسة الصحيّة في جامعة “ستانفورد”، والرّئيس السّابق لفريق عمل الخدمات الوقائيّة الأمريكيّة، الدكتور دوغلاس أوينز، أن النّتائج واعدة.
وقال أوينز إن سرطان القولون والمستقيم “ليس مثل السّرطانات الأخرى التي يُحتمل أنّ يؤدّي الإفراط بفحصها لأضرار كبيرة. وهي صغيرة هنا، ولكنّها ليست مستحيلة، وتأتي من تنظير القولون. ولذلك، إذا كان بإمكانك الحصول على الفائدة ذاتها خلال عددٍ أقل من عمليّات تنظير القولون، فسيكون ذلك بمثابة مكسب”.
ويرغب أوينز في رؤية المزيد من الأبحاث حول تمديد الفواصل الزمنيّة بين الفحوصات، تمامًا مثل أستاذ أورام الجهاز الهضمي في “مركز إم دي أندرسون للسّرطان”، الدكتور روبرت بريسالييه.
وقال بريسالييه: “هناك أدلّة قويّة على أن إجراء تنظير القولون لدى الأفراد الذين لا تظهر عليهم الأعراض كل 10 أعوام فعّال من حيث التّكلفة. وأعتقد أنّني غير مستعد للتغيير. ولن أكون مستعدًا لتغيير الممارسة عندما يتعلّق الأمر بتمديد الفترة الزمنية بناءً على الدّراسة، ولكنّها تبعث على الطّمأنينة، وتوفّر بيانات إضافيّة لتعزيز مفهوم الالتزام بهذه الإرشادات”.
وأضاف بريسالييه: “مجمل رسالة هذه الدّراسة، مفادها أنّه يمكننا الشّعور بالرّاحة تجاه الإرشادات الحاليّة”.
ولاحظ مؤلّفو الدّراسة أن نتائجها لا تنطبق على الأفراد الذين قد يحتاجون للخضوع لتنظير القولون في فترات مبكّرة لتقييم الأعراض التي قد يعانون منها، مثل نزيف المستقيم، أو الأفراد المعرّضين لخطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.
وأشار المؤلفون إلى ضرورة الحرص عند تعميم النتائج التي توصلوا إليها.
ورُغم اعتبار تنظير القولون المعيار الذّهبي لفحص سرطان القولون، إلا أنّ هناك بدائل متوفّرة، وتشمل خيارات الفحص الأخرى مثل اختبارات الدّم السنوية في البراز.
وأكّد أوينز: “الفكرة الرئيسية هي أن تخضع للفحص. ولا يهم إذا كنت تخضع لاختبار البراز، أو تنظير القولون، واختر واحدًا منهما. واختر ما يناسب تفضيلاتك، ولكن قم بالأمر”.