التخطي إلى المحتوى

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) — يختار ملايين الأمريكيين قضاء إجازتهم على متن سفن الرحلات البحرية، سواء في مدن سياتل، أو نيويورك، أو ميامي، أو غيرها، لكن عندما يتعلق الأمر بالصحة، فإنّ الإبحار ليس سلِسًا دومًا.

وأعلنت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC) عن تسجيل 13 تفشيًا لعدوى نوروفيروس على متن رحلات بحرية هذا العام. وهذا أكبر عدد من الحالات لتفشي هذا النوع من الفيروس، الذي سُجل على متن الرحلات البحرية منذ عام 2012.

ويعود أحدث انتشارٍ لعدوى نوروفيروس إلى رحلة “Viking Cruises” التي انطلقت من آيسلندا ورست في مدينة نيويورك بتاريخ 20 يونيو/ حزيران. وأُصيب بالمرض خلالها حوالي 13٪ من الركاب والعديد من أفراد الطاقم.

وقال أحد ممثلي “Viking Cruises” لـCNN: “نعتقد أن مرض الجهاز الهضمي مصدره مطعم على الشاطئ في آيسلندا، تناولت فيه مجموعة من الضيوف وجبة العشاء أثناء وقت الفراغ”.

“فيروس معدي جدًا”

ويُعتبر الفيروس سريع الانتشار، ويتسبّب بالتهاب المعدة والأمعاء الحاد، وهو السبب الأكثر شيوعًا للغثيان، والقيء، والإسهال، وآلام المعدة، وفقًا لما ذكرته المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.

ويُعتبر أي شخص عرضة للإصابة بنوروفيروس من خلال تناول جزيئات مجهرية من البراز أو القيء عن طريق الخطأ، وهو ما يمكن أن يحدث عند ملامسة شخص مصاب، أو تناول طعام ملوث، أو شرب ماء ملوث، أو لمس الأسطح الملوثة. ورغم أن الأعراض تستمر عادة لبضعة أيام فقط، إلا أن الشخص يمكن أن يكون معديًا بعد أسبوعين.

وقال الدكتور ويليام شافنر، أستاذ الأمراض المعدية في جامعة فاندربيلت: “هذا فيروس شديد العدوى”، مضيفًا: “لا يتطلب الأمر سوى عدد قليل من الجزيئات الفيروسية العادية حتى يُصاب شخص ما بالعدوى”.

ورغم عدم وجود دواء لعلاج المرض، يتعافى غالبية الأشخاص تمامًا من دون دواء. ويُعتبر العلاج بالماء لتعويض السوائل المفقودة من القيء، أو الإسهال، ممارسة معتادة لمعالجة الأعراض.

ومع ذلك، بهدف الحد من انتشار عدوى نوروفيروس، أوصى شافنر بأن يتخذ ركاب الرحلات البحرية احتياطات إضافية، ويغسلوا أيديهم جيدًا بالصابون والماء الدافئ، إذ أن المواد الهلامية المطهرة ومعقمات اليدين ليست فعالة ضد الفيروس.

وعلّق الدكتور جيفري فيشر، أستاذ التغذية وعلم التغذية في جامعة سنترال ميتشغان بأمريكا، قائلًا: “في ما يتعلق بغسل اليدين، فإننا جميعًا نقوم بذلك منذ أن كنا أطفالًا. لكن هناك الكثير من الدراسات التي أجريت وخلصت إلى أنّنا لا نقوم بذلك بشكل جيد أو في كثير من الأحيان كما ينبغي. لذلك نريد إعادة النظر في أفضل ممارسات غسل اليدين”.

ارتفاع عدد الحالات

ولا يزال السبب الدقيق لارتفاع عدد الحالات على متن الرحلات البحرية هذا العام غير واضح، لكن الخبراء يعتقدون أن الطلب المتزايد على الرحلات البحرية والأعداد القياسية للركاب، قد يكون وراء ذلك.

ووفقًا للبيانات الصادرة عن برنامج صحة السفن التابع للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، فإن عدد حالات تفشي عدوى نوروفيروس على سفن الرحلات البحرية التي ترسو في موانئ الولايات المتحدة شهدت سنوات من الانخفاض المطرد بعد عام 2015. كما انخفضت المعدلات الإجمالية لالتهاب المعدة والأمعاء الحاد على متن السفن السياحية في الولايات المتحدة بين عامي 2006 و2019.

واستجابةً لجائحة “كوفيد-19″، وضعت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) إشعارًا صحيًا للسفر يوصي بعدم السفر على متن السفن السياحية بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.

وقالت كاثلين كونلي، المتحدثة باسم CDC، إن الإبحار كان محدودًا، وكانت حالات تفشي المرض قليلة جراء تراجع عدد الركاب على متن السفينة.

وفي الواقع، لم يسجّل البرنامج أي تفشٍّ لعدوى نوروفيروس في عامي 2020 و2021، ومرّد ذلك على الأرجح، إلى محدودية الإبحار وبروتوكولات الصرف الصحي المحدثة خلال جائحة “كوفيد-19”.

لكن في مارس/ آذار 2022، رفعت CDC التحذير من مخاطر الرحلات البحرية، وعاد عدد الركاب إلى معدلاته القياسية.

ويُتوقع أن يبحر 31.5 مليون مسافر من جميع أنحاء العالم هذا العام، متخطين بذلك مستويات ما قبل الجائحة، ما يسفر عن بيئات عالية الكثافة وحاضنة لانتشار الفيروس.

وتنشر المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) معلومات حول حالات تفشي المرض على متن الرحلات البحرية التي يزيد عدد ركابها عن 100 مسافر، والتي تتراوح مدتها بين 3 أيام و21 يومًا، وعندما يُبلّغ أكثر من 3٪ من الركاب وأفراد الطاقم عن الأعراض.

واستُوفيت هذه الشروط 13 مرة هذا العام، مسجلة ارتفاعًا بلغ مرتين أكثر، مقارنة بعام 2022.

وقد تمّ تسجيل أربع حالات انتشار لعدوى نوروفيروس، شملت ما مجموعه 449 من الركاب وأفراد الطاقم، على متن سفن “رويال كاريبيان” هذا العام، وهو أكبر عدد مقارنة بأي شركة رحلات بحرية فردية، وفقًا لما ذكرته بيانات المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.

وقال متحدث باسم “Royal Caribbean International” لـCNN إن “صحة وسلامة ضيوفنا وطاقمنا والمجتمعات التي نزورها تمثل أهم أولوياتنا”، مضيفًا: “للحفاظ على أعلى مستويات الصحة على متن سفننا، فإننا ننفذ إجراءات صارمة بشأن السلامة والتنظيف، والعديد منها يتجاوز بكثير إرشادات الصحة العامة”.

عاصفة كاملة

وبالمقارنة مع عامة السكان، فإن تفشي نوروفيروس غير شائع إلى حد ما على متن السفن السياحية. ويصيب بين 19 و21 مليون شخص في الولايات المتحدة سنويًا، بحسب ما أشارت إليه المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، مقارنة مع بضعة آلاف من الحالات التي رُصدت على متن الرحلات البحرية.

وغالبًا ما تنتقل العدوى في البيئات المزدحمة حيث يمكن أن تطفو الجزيئات الصغيرة في الهواء، وقال شافنر في هذا الخصوص، إن الرحلات البحرية قد تخلق بيئة مثالية لتفشي عدوى نوروفيروس. وأضاف إن مجموعة كبيرة تعيش وتأكل في مساحة صغيرة ما قد يشكل أرضًا خصبة للمرض.

ورغم أن الأعراض مثل الإسهال والقيء غالبًا ما تتلاشى خلال أيام قليلة، إلا أنها قد تسبب الجفاف أيضًا. وبالنسبة للركاب الأكبر سنًا الذين قد يشكلون عددًا غير متناسب من عملاء الرحلات البحرية، فقد حذر شافنر من أن فقدان السوائل السريع قد يؤدي إلى خطر الإصابة بأمراض أكثر خطورة. وبالنسبة للأشخاص المصابين بداء السكري، فإن الجفاف يمكن أن يؤدي إلى القضاء على استراتيجيات العلاج.

Scan the code