التخطي إلى المحتوى

دخلت مبنى الكونغرس الأميركي طفلة لم تتجاوز السادسة من العمر، ولم تتخيل يوما أن تكون رئيسة لأحد مجلسيه، وبعد عقدين من العمل البرلماني والسياسي المؤثر، قررت نانسي بيلوسي، الخميس، إنهاء مسيرتها في زعامة الديمقراطيين في مجلس النواب.

“لن أنسى أبدا المرة الأولى التي رأيت فيها مبنى الكابيتول. كان ذلك في يوم بارد من شهر يناير عندما كان عمري 6 سنوات”، قالت بيلوسي في خطاب التنحي.

كانت هي وإخوتها ووالدها توماس داليساندرو جونيور في طريقهم إلى الكابيتول، ليؤدي والدها اليمين الدستورية لولايته الخامسة في الكونغرس عن ولاية ميرلاندغ.

عندما دخلت الكونغرس لأول مرة في عام 1987 كان هناك 12 امرأة في التجمع الديمقراطي والآن هناك 90 امرأة، “وأريد أن أرى المزيد”، قالت بيلوسي التي غالبا ما وصفت بأنها المرأة الأقوى في السياسة الأميركية.

وقالت بيلوسي التي قادت معارك الديمقراطيين ضد الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب “لن أترشح لقيادة الديموقراطيين في الكونغرس المقبل”، وذلك بعدما فاز الجمهوريون بالغالبية في مجلس النواب.

عائلة سياسية

ولدت بيلوسي في 26 مارس 1940 بالتيمور، ماريلاند، وتنحدر من عائلة سياسية اشتغلت في الشأن العام، إذ كان والدها الراحل توماس داليساندرو جونيور، عمدة بالتيمور لمدة اثني عشر عاما، بعد أن مثل المدينة لمدة خمس فترات في الكونغرس. كما شغل شقيقها، توماس داليساندرو الثالث، منصب عمدة بالتيمور.

تخرجت من كلية ترينيتي في واشنطن العاصمة. ولديها هي وزوجها بول بيلوسي، وهو من مواليد سان فرانسيسكو، خمسة أطفال بالغين وتسعة أحفاد.

وعلى مدى 35 عاما، مثلت رئيسة مجلس النواب بيلوسي سان فرانسيسكو، الدائرة 12 في كاليفورنيا، في الكونغرس.

بيلوسي هي الرئيسة رقم 52 لمجلس النواب، بعد أن صنعت التاريخ في عام 2007 عندما تم انتخابها أول امرأة تشغل منصب رئيس مجلس النواب.

وفي 2019 كان لها موعد آخر مع التاريخ عندما استعادت منصبها الثاني في رئاسة المجلس – كأول شخص يفعل ذلك منذ أكثر من ستة عقود.

قيادة معارك الديمقراطيين

تعد بيلوسي المهندس الرئيسي للتشريعات في ظل إدارتين ديمقراطيتين، بما في ذلك قانون الرعاية بأسعار معقولة وخطة الإنقاذ الأميركية، وفق موقع مجلس النواب الأميركي.

وقادت بيلوسي الديمقراطيين في مجلس النواب منذ عام 2003، مسجلة أطول فترة قيادة من الحزبين منذ الولاية الأسطورية لسام رايبورن، وهو ديمقراطي من تكساس.

وعلى مدى تلك السنوات الـ 20، أشرفت على إقرار بعض أهم الإنجازات التشريعية في نصف القرن الماضي. وجمعت أكثر من 1.2 مليار دولار للحزب، وفق موقع “ذي هيل”.

تحدي ترامب

بعد شهر من إعادة انتخابها في 2018 في منصبها، كانت أبرز لحظاتها هي طريقة تصفيقها على خطاب ترامب، وفق تقرير لشبكة “بي بي سي”.

وكان تمزيقها لنسخة من خطاب ترامب عن “حالة الاتحاد” في الكونغرس الأمر الأكثر إثارة للجدل. وبعد اتهامها بعدم الاحترام، دافعت لاحقا عن هذه الخطوة، واصفة خطابه بأنه “بيان من الحقائق الخاطئة”.

وأشهر بعد ذلك، سرعان ما عادت لتحدي ترامب، إذ اتهمته بـ “إساءة استخدام للسلطة، ردا على تعامله مع أوكرانيا في 2019.

واتهم ترامب حينها بالضغط على أوكرانيا للتنقيب عن معلومات ضارة عن جو بايدن، واستخدام المساعدات العسكرية كوسيلة ضغط، لكن تمت تبرئته في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون.

وبعد تزعمها لحملة الديمقرطيين لعزل ترامب،  أطلقت بيلوسي تحقيقا خاصا في الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021، يمكن أن يتردد صدى نتائجه القانونية والسياسية في جميع أنحاء العالم لسنوات عديدة قادمة.

وستكون بيلوسي جزءا من إرث نتائج انتخابات التجديد النصفي الأخيرة، إذ رغم التوقعات بانتصار ساحق للجمهوريين، تمكن الديمقراطيون من التشبث بعشرات المقاعد في الدوائر التي اعتبرت ساحة المعركة في الانتخابات، مما حد من مكاسب الجمهوريين.

وأشاد الرئيس الأميركي جو بايدن ببيلوسي التي “حمت ديموقراطيتنا من التمرد العنيف والدامي في السادس من يناير”، إنها “رئيسة مجلس النواب الأكثر أهمية في تاريخنا”، كتب بايدن.

وتأتي هذه الأنباء بعد يوم من إعلان الرئيس السابق دونالد ترامب ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة في 2024، على الرغم من سقوط العديد من المرشحين الجمهوريين الذين كان يدعمهم. 

Scan the code