يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عندما اخترع الإنترنت في معامل معهد (داربا) التابع لوزارة الدفاع الأميركية، كانت البرمجيات تدخل البيوت من خلال الحاسب الشخصي الذي كانت تقود صناعته عدد من الشركات التي منها مايكروسوفت وآبل، كان الإنترنت كما هو متوقع مكون من عتاد الشبكات والبرمجيات الضرورية لإدارتها، إنما ما جرى لصناعة البرمجيات بعد ذلك فأمر آخر تماما.
كان نمو الإنترنت مرهونا وظيفيا بنمو تقنيات البرمجيات لتعطي التقنية الجديدة الزخم الذي تحتاجه لتضع العالم كله في صندوق صغير. كان أول البرمجيات التي رسمت وجه الإنترنت الذي نعرفه اليوم هي برمجيات المتصفح التي قدمت لنا الشبكة العنكبوتية. كانت الحاسوبات الشخصية جزرا صغيرة في كل بيت قبل أن تدخلها شبكة الإنترنت، بعد خمس سنوات تقريبا نمت فقاعة الإنترنت التي انفثأت سريعا، لأن التجارة أخذت تتشكل إلكترونيا، كما لو كانت تتعلم ركوب دراجة هوائية لأول مرة، كانت البرمجيات دراجة العالم الجديدة.
كان الوجه الجديد الذي ظهر من شاشة الحاسوب الشخصي منقشا بالأيقونات مطلا على العائلة غامضا شيئا ما، كل ما يراه المستخدم هو الواجهات التي تستقبله في أي وقت وتأخذ به إلى عوالم جديدة في رحلة لا نهائية، كانت البرمجيات قبل ذلك إما مخصصة للحاسب الشخصي وهي البرمجيات الأكثر حداثة، وإما برمجيات مؤسسية تخدم الشركات الكبرى لإدارة ملفاتها المالية وتعاملاتها الداخلية، كان نتيجة للبرمجيات التي دخلت المؤسسة أن قامت الشركات بإعادة النظر في عملياتها الأساسية بتقليم هيكلها الإداري جاعلين منه هيكلا رشيقا وقابلا للنمو بكفاءة عالية.
في المقابل، كان التحول الذي أحدثته البرمجيات عبر الحاسب الشخصي بفعل الإنترنت تحولا ثقافيا عميقا، ما سمي حينها بثورة المعلومات مرده إلى انفتاح العالم على حقائق جديدة كانت غائبة عنه، على سبيل المثال، كان الإعلام التقليدي ممثلا في الصحف الورقية نافذة جديدة على المجتمعات الأخرى حيث تحولت بعضها إلى صحف عالمية أكثر انتشارا وتأثيرا، اتسعت رقعة العالم إعلاميا وصار على قياداته أن تتأقلم مع الأفق الجديد اللانهائي اللامحدود. وصرنا نسمع بالرأي الآخر أكثر مما سبق.
على مستوى صناعة البرمجيات فقد نشأت حركة البرمجيات مفتوحة المصدر لتجعل البرمجيات من الحقوق الأساسية للناس، سواء في الحصول عليها أو في تطويرها، نتيجة لحركة البرمجيات مفتوحة المصدر، نشأت مجموعات تطور البرمجيات على سبيل التطوع، فطورت الأدوات التي تسمح لهذه المجموعات بالاتصال والعمل المشترك، وفي سبيل تمكين العالم بتقنيات تمكنه من الإنترنت بكل طاقاته، أصبح اتساع الإنترنت معتمدا إلى حد كبير على اتساع البرمجيات وتقنياته التي أخذت تأكل العالم، من أجل ذلك تسعى الإنترنت مدعومة بالتقدم الذي أحرز في تقنيات الاتصالات بالانتقال إلى ما يسمى بالشبكة الثالثة التي تعد بانغماس أكبر في الواقع ممثلا في التقنيات المالية وعالم الميتافيرس، لتحيط بنا البرمجيات من كل جانب.