صحيفة المرصد : قال الكاتب نجيب عصام يماني: نعم معقول أستاذ مشعل السديري وأنت تروي حكاية ذلك التركي (الشرق الأوسط) الذي يعمل مؤذناً وإمام مسجد بالنهار حتى صلاة العشاء، أما بقية الليلة فهو نجم (روك) وقائد فرقة، لها موقع في (يوتيوب)، وهو الوحيد المتزوج من مسيحية بين أئمة الأتراك اسمه (أحمت توزر) يعلو صوته في كل الفروض من مسجد يؤم فيه الصلاة بأكثر من 150 مصلياً، يتضاعف هذا العدد في صلاة الجمعة عشر مرات، وهم يشيدون بالتزامه وعدم تخلفه عن العمل، سواء في المسجد أو في كباريه (الروك)!… وتطلب الفتوى لهذه الحالة غير الطبيعية!
أمر ليس مستحدث
وتابع خلال مقال له منشور في صحيفة ” عكاظ” بعنوان ” معقول يغني ويصلي !” المسألة لا تحتاج إلى فتوى، فهو ليس بأمر مستحدث (عندي بعض علم أعلمه فأعلنه حتى لا ألجم بلجام من نار) كما قال سيدي رسول الله.
الزواج من مسيحية
وأكمل، أولاً: كون الإمام متزوجاً من مسيحية فهذا جائز شرعاً لقوله تعالى (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أخدان) فحلال عليه هذه المسيحية والله يبارك لهما.
الغناء والموسيقى
وأردف، ثانياً: الغناء والموسيقى والاشتغال بهما من المسائل الخلافية، ولها تفصيلات وآراء تطفح بها كتب الفقه والحديث اتفق معظمها على أنها مباحة، فطالما أن المسألة خلافية فلا يجب الإنكار على من أخذ بأي رأي يشاء.
الإمام الذي يصلي بالناس
واستطرد قائلا، الإمام الذي يصلي بالناس طالما أنه جمع كل الشروط المطلوبة للإمامة كونه رجلاً عادلاً قارئاً فقيهاً سليم اللفظ من نقص أو لثغ جازت إمامته، فإن كان صبياً أو عبداً أو (فاسقاً) صحت إمامته أيضاً ولم تنعقد ولايته لأن الصغر والرق والفسق يمنع من الولاية ولا يمنع من الإمامة.
أحكام الصلاة
وأضاف، قد أمر عليه الصلاة والسلام عمرو بن مسلمة أن يصلي بقوم وكان صغيراً لأنه كان أقرأهم لكتاب الله، كما صلى عليه الصلاة والسلام خلف مولى له وقال: (صلوا خلف كل بر وفاجر). وورد في كتاب الأحكام السلطانية للماوردي بأنه لا يجوز أن يكون الإمام امرأة ولا خنثى ولا أخرس، موضحاً بأن أقل ما يجب على الإمام أن يكون حافظاً لأم القرآن (الفاتحة) عالماً بأحكام الصلاة.
حكم الإمامة
وقال، في الفواكه الدواني على رسالة القيرواني بيان حكم الإمامة ومن يصلح لها منها
• الذكورة، فلا تصح إمامة المرأة ولا الخنثى.
• الإسلام، فلا تصح إمامة الكافر.
• العقل والبلوغ، فلا تصح إمامة المجنون.
• عدم الفسق المتعلق بالصلاة كمن يقصد بإمامته الكِبر أو يقرأ عمداً بالشاذ أو بالتوراة والإنجيل، فإمامته باطلة بخلاف فاسق الجارحة كمن يشرب الخمر أو يزني فتكره إمامته فقط وهي صحيحة.
• كما تصح خلف المبتدع المختلف في تكفيره ببدعته كالحروري والقدري.
• عِلم الإمام بما تتوقف صحة الصلاة من قراءة وفقه.
• القدرة على الأركان فلا تصح إمامة العاجز عن بعضها.
• موافقة مذهب المأموم للإمام في الواجبات فلا يصح الاقتداء بمن يسقط القراءة في الأخيرتين أو يترك الرفع من الركوع أو السجود.
• المساواة في الصلاة شخصاً وصفاً وزماناً فلا تصح ظهر خلف عصر ولا عكسه ولا أداء خلف قضاء ولا عكسه.
وأشار إلى أن هذه بعض الشروط الشرعية لمن تصح إمامته ولا يوجد بينها من اشتغل بالغناء وأحله أو استمع له وتاجر بآلاته.
القارئ أحق من الفقيه
وتابع، قد اختار الشيخ موفق الدين بأن الجمعة تصلى خلف الفاسق، وذكر الإمام أحمد أنها لا تعاد وإن ائتم بفاسق يعلم فسقه. ومن أمّ قوماً محدثاً أعادوا إلا أن ينسى حدثه حتى يفرغ فيعيده وحده. وقد اعتبر ابن عقيل أن القارئ أحق من الفقيه إذا كان يحفظ ما يحتاج إليه في الصلاة. فأما إن كان لا يحسن ذلك قدمنا الفقيه لحفظ الأركان والواجبات وسجود السهو وجبرانات الصلاة.
الإمام التركي
ولفت إلى إن إمامة الصلاة من خير الأعمال التي يتولاها خير الناس بصفاتهم الفاضلة من العلم والقراءة والعدالة ولا تتم صلاة الجماعة إلا بإمام، وقد قال الحنفية والمالكية وفي مذهب أحمد الإمامة أفضل من الأذان والإقامة (وقد جمع هذا الإمام التركي بين الحسنين آذان وإمامة وجمع وجماعات)، كما ذكر الأستاذ السديري.
إمامة الفاسق
وأضاف، يقول ابن قدامة بعدم جواز إمامة الفاسق مثل الذي يشرب الخمر أو يزني أو يأكل الربا، ولكن ابن عابدين في حاشيته ذهب إلى جواز إمامته مع الكراهة.
الدعوة النبوية
واختتم مقاله قائلا، دعا نبي الرحمة للمؤذنين والأئمة، فقال «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدْ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ»، وقد تشمل هذه الدعوة النبوية هذا الإمام والمؤذن التركي فرحمته وسعت كل شيء.